(وزيارة القبور على وجهين: زيارة شرعية، وزيارة بدعية.
فالشرعية المقصود بها السلام على الميت والدعاء له كما يقصد بالصلاة على جنازته فزيارته بعد موته من جنس الصلاة عليه؛ فالسنة أن يسلم على الميت ويدعو له، سواء كان نبيّاً أو غير نبي، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر أصحابه إذا زاروا القبور أن يقول أحدهم: ((السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم)) (١) ، وهكذا يقول إذا زار أهل البقيع ومن به من الصحابة أو غيرهم، أو زار شهداء أحد وغيرهم.
وليست الصلاة عند قبورهم أو قبور غيرهم مستحبة عند أحد من أئمة المسلمين، بل الصلاة في المساجد التي ليس فيها قبر أحد من الأنبياء والصالحين وغيرهم أفضل من الصلاة في المساجد التي فيها ذلك باتفاق أئمة المسلمين؛ بل الصلاة في المساجد التي على القبور إما محرمة وإما مكروهة.
والزيارة البدعية: أن يكون مقصود الزائر أن يطلب حوائجه من ذلك الميت، أو يقصد الدعاء عند قبره، أو يقصد الدعاء به؛ فهذا ليس من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا استحبه أحد من سلف الأمة وأئمتها؛ بل هو من البدع المنهي عنها باتفاق سلف الأمة وأئمتها، وقد كره مالك وغيره أن يقول القائل:
(١) رواه بنحوه مسلم في (الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، رقم ٩٧٤، ٩٧٥) من حديث عائشة رضي الله عنها؛ دون قوله: ((اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم)) .