منه: ما يكون كل واحد من القولين أو الفعلين حقاً مشروعاً، كما في القراءات التي اختلف فيها الصحابة حتى زجرهم عن الاختلاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: ((كلاكما محسن)) (١) ، ومثله اختلاف الأنواع في صفة الأذان، والإقامة، والاستفتاح، والتشهدات، وصلاة الخوف، وتكبيرات العيد، وتكبيرات الجنازة ... إلى غير ذلك مما قد شرع جميعه، وإن كان قد يقال: إن بعض أنواعه أفضل.
ثم نجد لكثير من الأمة في ذلك من الاختلاف ما أوجب اقتتال طوائف منهم على شفع الإقامة وإيتارها ونحو ذلك، وهذا عين المحرم، ومن لم يبلغ هذا المبلغ؛ فتجد كثيراً منهم في قلبه من الهوى لأحد هذه الأنواع والإعراض عن الآخر أو النهي عنه - ما دخل به فيما نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ومنه: ما يكون كل من القولين هو في معنى القول الآخر؛ لكن العبارتان مختلفتان، كما قد يختلف كثير من الناس في ألفاظ الحدود وصيغ الأدلة والتعبير عن المسميات وتقسيم الأحكام وغير ذلك، ثم الجهل أو الظلم يحمل على حمد إحدى المقالتين وذم الأخرى.
(١) رواه البخاري في (أحاديث الأنبياء، باب حديث الغار، ٣٤٧٦) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.