للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذينَ آمَنوا اتَّقوا اللهَ وَذَروا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إنْ كُنْتُمْ مُؤْمنينَ. فإنْ لَمْ تَفْعَلوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسولِهِ} (١) ؛ فقد أخبر تعالى أن الطائفة الممتنعة إذا لم تنته عن الربا فقد حاربت الله ورسوله، والربا آخر ما حرم الله في القرآن، فما حرمه قبله أوكد، وقال تعالى: {إنَّما جَزاءُ الذينَ يُحارِبونَ اللهَ وَرَسولَهُ وَيَسْعَوْنَ في الأرْضِ فَساداً أنْ يُقَتَّلوا أوْ يُصَلَّبوا أوْ تُقَطَّعَ أيديهُمْ وأرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أو يُنْفوا مِنَ الأرْضِ} (٢) .

فكل من امتنع من أهل الشوكة عن الدخول في طاعة الله ورسوله؛ فقد حارب الله ورسوله، ومن عمل في الأرض بغير كتاب الله وسنة رسوله؛ فقد سعى في الأرض فساداً، ولهذا تأول السلف هذه الآية على الكفار وعلى أهل القبلة حتى أدخل عامة الأئمة فيها قطاع الطريق الذين يشهرون السلاح لمجرد أخذ الأموال، وجعلوهم بأخذ أموال الناس بالقتال محاربين لله ورسوله ساعين في الأرض فساداً؛ وإن كانوا يعتقدون تحريم ما فعلوه ويقرون بالإيمان بالله ورسوله.

فالذي يعتقد حِلَّ دماء المسلمين وأموالهم ويستحل قتالهم أولى بأن يكون محارباً لله ورسوله ساعياً في الأرض فساداً من هؤلاء، كما أن الكافر الحربي الذي يستحل دماء المسلمين وأموالهم ويرى جواز قتالهم أولى بالمحاربة من الفاسق الذي يعتقد تحريم ذلك، وكذلك المبتدع الذي خرج عن بعض شريعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنته واستحل دماء المسلمين المتمسكين بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشريعته وأموالهم هو أولى بالمحاربة من الفاسق؛ وإن اتخذ ذلك ديناً يتقرب به إلى الله، كما أن اليهود والنصارى تتخذ محاربة المسلمين ديناً تتقرب به إلى الله.


(١) البقرة: ٢٧٩.
(٢) المائدة: ٣٣.

<<  <   >  >>