للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ثم يعود غريباً كما بدأ)) (١) يحتمل شيئين:

أحدهما: أنه في أمكنة وأزمنة يعود غريباً بينهم ثم يظهر، كما كان في أول الأمر غريباً ثم ظهر، ولهذا قال: ((سيعود غريباً كما بدأ)) .

وهو لما بدأ كان غريباً لا يُعرف ثم ظهر وعرف، فكذلك يعود حتى لا يُعرف ثم يظهر ويُعرف، فيقل من يعرفه في أثناء الأمر كما كان من يعرفه أولاً.

ويحتمل أنه في آخر الدنيا لا يبقى مسلماً إلا قليل، وهذا إنما يكون بعد الدجال ويأجوج ومأجوج عند قرب الساعة، وحينئذٍ يبعث الله ريحاً تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة ثم تقوم القيامة.

وأما قبل ذلك؛ فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم؛ حتى تقوم الساعة)) (٢) ، وهذا الحديث في ((الصحيحين)) ومثله من عدة أوجه.

فقد أخبر الصادق المصدوق أنه لا تزال طائفة ممتنعة من أمته على الحق، أعزاء، لا يضرهم المخالف ولا خلاف الخاذل، فأما بقاء الإسلام غريباً ذليلاً في الأرض كلها قبل الساعة؛ فلا يكون هذا) (٣) .

* * *


(١) جزء من حديث رواه مسلم في (الإيمان، باب بيان أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً، ١٤٦) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٢) تقدم تخريجه (ص ١٠٩) .
(٣) * ((مجموع الفتاوى)) (١٨ / ٢٩٥ - ٢٩٦) .

<<  <   >  >>