للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الميراث بالرحم دون هذه المؤاخاة والمحالفة.

وتنازع العلماء في مثل هذه المحالفة والمؤاخاة: هل يورث بها عند عدم الورثة من الأقارب والموالي؟ على قولين:

أحدهما: يورث بها، وهو مذهب أبي حنيفة، وأحمد في إحدى الروايتين؛ لقوله تعالى: {والذينَ عَقَدْتْ أيْمانُكُمْ فآتوهُمْ نَصيبَهُمْ} (١) .

والثاني: لا يورث بها بحال، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد في الرواية المشهورة عند أصحابه، وهؤلاء يقولون: هذه الآية منسوخة.

وكذلك تنازع الناس: هل يُشرع في الإسلام أن يتآخى اثنان ويتحالفا كما فعل المهاجرون والأنصار؟

فقيل: إن ذلك منسوخ؛ لما رواه مسلم في ((صحيحه)) عن جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا حِلْف في الإسلام، وما كان من حلف في الجاهليَّة؛ فلم يزده الإسلام إلا شدة)) (٢) ، ولأن الله قد جعل المؤمنين إخوة بنص القرآن، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((المسلم أخو المسلم، لا يسلمه ولا يظلمه، والذي نفسي بيده؛ لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه من الخير ما يحبه لنفسه)) (٣) ، فمن كان قائماً بواجب الإيمان كان أخاً لكل مؤمن ووجب على كل مؤمن أن


(١) النساء: ٣٣.
(٢) رواه مسلم في (فضائل الصحابة، باب مؤاخاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه، رقم ٢٥٣٠) من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه.
(٣) روى شطره الأول البخاري في (المظالم والغضب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، ٢٤٤٢) ، ومسلم في (البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، ٢٥٨٠) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه.
وروى شطره الثاني البخاري في (الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ١٣) ، ومسلم في (الإيمان، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ٤٥) من حديث أنس رضي الله عنه.

<<  <   >  >>