للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يلوي لسانه: فيخبر بالكذب. والإعراض: أن يكتم الحق؛ فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس.

ومن مال مع صاحبه - سواء كان الحق له أو عليه -؛ فقد حكم بحكم الجاهلية وخرج عن حكم الله ورسوله، والواجب على جميعهم أن يكونوا يداً واحدة مع الحَقِّيِّ على المبطل، فيكون المعظَّم عندهم من عظَّمه الله ورسوله، والمقدَّم عندهم من قدِّمه الله ورسوله، والمحبوب عندهم من أحبَّه الله ورسوله، والمهان عندهم من أهانه الله ورسوله بحسب ما يرضى الله ورسوله لا بحسب الأهواء؛ فإنَّه من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فإنَّه لا يضرُّ إلاَّ نفسه.

فهذا هو الأصل الذي عليهم اعتماده، وحينئذ؛ ٍ فلا حاجة إلى تفرُّقهم وتشيُّعهم؛ فإنَّ الله تعالى يقول: {إنَّ الذينَ فَرَّقوا دينَهُمْ وكانوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ في شَيْءٍ} (١) ، وقال تعالى: {وَلاَ تَكونوا كالذينَ تَفَرَّقوا واخْتَلَفوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ البَيِّناتِ} (٢) ، وإذا كان الرَّجل قد علَّمه أستاذ عرف قدر إحسانه إليه وشكره.

ولا يشدُّ وسطه لا لمعلِّمه ولا لغير معلِّمه؛ فإنَّ شدَّ الوسط لشخص معيَّن وانتسابه إليه من بدع الجاهليَّة، ومن جنس التَّحالف الذي كان المشركون يفعلونه، ومن جنس تفرُّق قيس ويمن، فإن كان المقصود بهذا الشدِّ والانتماء التَّعاون على البرِّ والتَّقوى؛ فهذا قد أمر الله به ورسوله له ولغيره بدون هذا الشدِّ، وإن كان المقصود به التَّعاون على الإثم والعدوان؛ فهذا قد حرَّمه الله ورسوله، فما قُصد بهذا من خير؛ ففي أمر الله ورسوله بكلِّ معروف استغناء عن أمر المعلِّمين، وما قُصد بهذا من شرٍّ؛ فقد حرَّمه


(١) الأنعام: ١٥٩.
(٢) آل عمران: ١٠٥.

<<  <   >  >>