للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنه ليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف)) (١) ... وقال تعالى: {لا يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إلاَّ مَنْ ظُلِمَ} (٢) .

... ومنها أن يكون على وجه النصيحة للمسلمين في دينهم ودنياهم كما في الحديث الصحيح عن فاطمة بنت قيس لما استشارت النبي - صلى الله عليه وسلم - من تنكح؟ وقالت: إنه خطبني معاوية وأبو جهم؛ فقال: ((أما معاوية؛ فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم؛ فرجل ضراب للنساء)) ، وروي: ((لا يضع عصاه عن عاتقه)) (٣) ؛ فبين لها أن هذا فقير قد يعجز عن حقك، وهذا يؤذيك بالضرب، وكان هذا نصحاً لها وإن تضمن ذكر عيب الخاطب.

وفي معنى هذا نصح الرجل فيمن يعامله ومن يوكله ويوصي إليه ومن يستشهده؛ بل ومن يتحاكم إليه وأمثال ذلك، وإذا كان هذا في مصلحة خاصة؛ فكيف بالنصح فيما يتعلق به حقوق عموم المسلمين من الأمراء والحكام والشهود والعمال: أهل الديوان وغيرهم؟! فلا ريب أن النصح في ذلك أعظم، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الدين النصيحة، الدين النصيحة)) . قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم)) (٤) .

وقد قالوا لعمر بن الخطاب في أهل الشورى: أمر فلاناً وفلاناً، فجعل


(١) رواه البخاري في (النفقات، باب إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه، ٥٣٦٤، وفي الأحكام، باب القضاء على الغائب، ٧١٨٠) ؛ من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٢) النساء: ١٤٨.
(٣) رواه مسلم في (الطلاق، باب المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها، ١٤٨٠) من حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها بلفظ مقارب.
(٤) رواه مسلم في (الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، ٥٥) من حديث تميم الداري رضي الله عنه.

<<  <   >  >>