للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شيء يجري بمشيئته.

فكذلك هنا لو قال: ما من أحد إلا سيخلو به ربه وليس بينه وبينه حاجب ولا ترجمان، أو قال: إن الناس كلهم يُحشرون إلى الله فينظر إليهم وينظرون إليه؛ كان هذا اللفظ مخالفاً في الإيهام للفظ الأول.

فلا يخرجن أحد عن الألفاظ المأثورة، وإن كان قد يقع تنازع في بعض معناها؛ فإن هذا الأمر لا بد منه، فالأمر كما قد أخبر به نبينا - صلى الله عليه وسلم - والخير كل الخير في اتباع السلف الصالح والاستكثار من معرفة حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتفقه فيه، والاعتصام بحبل الله، وملازمة ما يدعو إلى الجماعة والألفة، ومجانبة ما يدعو إلى الخلاف والفرقة؛ إلا أن يكون أمراً بيناً قد أمر الله ورسوله فيه بأمر من المجانبة؛ فعلى الرأس والعين.

وأما إذا اشتبه الأمر: هل هذا القول أو الفعل مما يعاقب صاحبه عليه أو ما لا يعاقب؟ فالواجب ترك العقوبة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ادرؤوا الحدود بالشبهات؛ فإنك إن تخطىء في العفو خير من أن تخطىء في العقوبة)) (١) . رواه أبو داود، ولا سيما إذا آل الأمر إلى شر طويل وافتراق أهل السنة والجماعة؛ فإن الفساد الناشىء في هذه الفرقة أضعاف الشر الناشىء من خطأ نفر قليل في مسألة فرعية.

وإذا اشتبه على الإنسان أمر؛ فليدع بما رواه مسلم في ((صحيحه)) عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة يقول: ((اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما


(١) [ضعيف] . رواه الترمذي في (الحدود، باب ما جاء في درء الحدود، ١٤٢٤) وغيره؛ من حديث عائشة رضي الله عنها. ولشطره الأول شواهد يتقوى بها. وانظر: ((إرواء الغليل)) (٨ / ٢٥) .

<<  <   >  >>