المسلمين المشهورون بالإمامة فيهم كالأربعة وغيرهم، وأهل العلم بالكتاب والسُّنَّة؛ فيفرِّقون بين مملوكاته وبين صفاته؛ فيعلمون أنَّ العباد مخلوقون، وصفات العباد مخلوقة، وأجسادهم، وأرواحهم، وكلامهم، وأصواتهم بالكتب الإلهية وغيرها، ومدادهم، وأوراقهم، والملائكة، والأنبياء وغيرها، ويعلمون أنَّ صفات الله القائمة به ليست مخلوقة؛ كعلمه، وقدرته، وكلامه، وإرادته، وحياته، وسمعه، وبصره، ورضاه، وغضبه، وحبِّه، وبغضه، بل هو موصوف بما وصف به نفسه وبما وصفته به رسله من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل؛ فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه ووصفه به رسله، ولا يحرفون الكَلِم عن مواضعه، ولا يتأوَّلون كلام الله بغير ما أراده، ولا يمثِّلون صفات الخالق بصفات المخلوق؛ بل يعلمون أنَّ الله سبحانه ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله؛ بل هو موصوف بصفات الكمال، منزَّه عن النَّقائص، وليس له مِثْل في شيء من صفاته، ويقولون: إنَّه لم يزل ولا يزال موصوفاً بصفات الكمال، لم يزل متكلِّماً إذا شاء بمشيئته وقدرته، ولم يزل عالماً، ولم يزل قادراً، ولم يزل حيّاً سمعياً بصيراً، ولم يزل مريداً؛ فكلُّ كمال لا نقص فيه يمكن اتِّصافه به فهو موصوف به، لم يزل ولا يزال متَّصفاً بصفات الكمال منعوتاً بنعوت الجلال والإكرام سبحانه وتعالى) (١) .