للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) (١) ، وقوله: ((البر ما اطمأنت إليه النفس وسكن إليه القلب)) (٢) ، وقوله في ((صحيح مسلم)) في رواية: ((البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك وإن أفتاك الناس)) (٣) ، وأنه رأى على فراشه تمرة فقال: ((لولا أني أخاف أن تكون من تمر الصدقة لأكلتها)) (٤) .

... لكن يقع الغلط في الورع من ثلاث جهات:

أحدها: اعتقاد كثير من الناس أنه من باب الترك؛ فلا يرون الورع إلا في ترك الحرام لا في أداء الواجب، وهذا يُبتلى به كثير من المتدينة المتورعة، ترى أحدهم يتورع عن الكلمة الكاذبة وعن الدرهم فيه شبهة لكونه من مال ظالم أو معاملة فاسدة، ويتورع عن الركون إلى الظلمة من أجل البدع في الدين وذوي الفجور في الدنيا، ومع هذا يترك أموراً واجبةً عليه إما عيناً وإما كفايةً وقد تعينت عليه؛ من صلة رحم، وحق جار ومسكين وصاحب ويتيم وابن سبيل، وحق مسلم وذي سلطان وذي علم، وعن أمر بمعروف ونهي عن منكر، وعن الجهاد في سبيل الله إلى غير ذلك مما فيه نفع للخلق في دينهم ودنياهم مما وجب عليه، أو يفعل ذلك لا على وجه العبادة لله تعالى، بل من جهة التكليف ونحو ذلك.


(١) [صحيح] . رواه النسائي في (الأشربة، باب الحث على ترك الشبهات، ٥٧١١) ، والترمذي في (صفة القيامة، باب منه، ٢٥١٨) ؛ من حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما. ورواه أحمد في ((المسند)) (٣ / ١٥٣) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. وانظر: ((الإرواء)) (١٢، ٢٠٧٤) .
(٢) [حسن] . رواه أحمد في ((المسند)) (٤ / ٢٢٧، ٢٢٨) ، والدارمي (٢/٢٤٥) ، وأبو يعلى (١٥٨٦) ؛ من حديث وابصة رضي الله عنه. وأورده النووي في ((الأربعين حديثاً)) وحسنه.
(٣) رواه مسلم في (البر والصلة، باب تفسير البر والإثم، ٢٥٥٣) من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه بلفظ: ((البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس)) ، وأما لفظه: ((وإن أفتاك الناس)) ؛ فهي جزء من الحديث السابق.
(٤) رواه بنحوه البخاري في (البيوع، باب ما يتنزه من الشبهات، ٢٠٥٥) ، ومسلم في (الزكاة، باب تحريم الزكاة على رسول الله وعلى آله، ١٠١٧) من حديث أنس رضي الله عنه.

<<  <   >  >>