للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله من خلقه، يا أكرم الخلق على ربه، يا إمام المتقين؛ فهذا كله من صفاته - بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك إذا صلى عليه مع السلام عليه؛ فهذا مما أمر الله به.

ولا يدعو هناك مستقبل الحجرة؛ فإن هذا كله منهيٌّ عنه باتفاق الأئمة، ومالك من أعظم الأئمة كراهية لذلك، والحكاية المروية عنه أنه أمر المنصور أن يستقبل الحجرة وقت الدعاء كذب على مالك، ولا يقف عند القبر للدعاء لنفسه؛ فإن هذا بدعة، ولم يكن أحد من الصحابة يقف عنده يدعو لنفسه، ولكن كانوا يستقبلون القبلة ويدعون في مسجده، فإنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد)) (١) ، وقال: ((لا تجعلوا قبري عيداً، ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً، وصلوا علي حيثما كنتم؛ فإن صلاتكم تبلغني)) (٢) ، وقال: ((أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة؛ فإن صلاتكم معروضة علي)) . فقالوا: كيف تُعرض صلاتنا عليك وقد أرمت (أي: بليت) ؟! قال: ((إن الله حرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء)) (٣) . فأخبر أنه يسمع الصلاة والسلام من القريب وأنه يُبَلَّغ ذلك من البعيد، وقال: ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) يحذر ما فعلوا. قالت عائشة: ولولا


(١) [صحيح] . رواه مالك في (النداء للصلاة، باب جامع الصلاة، ٤١٦) مرسلاً، وأحمد في ((المسند)) بنحوه (٢ / ٢٤٦) ؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وانظر: ((غاية المرام)) (١٢٦) .
(٢) [صحيح] . رواه أبو داود في (المناسك، باب زيارة القبور، ٢٠٤٢) ، وأحمد في ((المسند)) (٢ / ٣٦٧) ؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وانظر: ((صحيح الجامع)) (٧٢٢٦) .
(٣) [صحيح] . رواه بنحوه النسائي في (الجمعة، باب إكثار الصلاة على النبي يوم الجمعة، ١٣٧٤) وأبو داود في (الصلاة، باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة، ١٠٤٧) ؛ من حديث أوس بن أوس رضي الله عنه. وانظر: ((صحيح الجامع)) (٢٢١٢) .

<<  <   >  >>