للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأيضاً؛ فلو لم تكن الدلالة مُطَّردة في حقِّ كلِّ مَنْ صدر منه ذلك القولُ لم يكن في الآية زَجْرٌ لغيرهم أن يقول مثل هذا القول، ولا كان في الآية تعظيمٌ لذلك القول بعينه؛ فإنَّ الدَّلالة على عين المنافق قد تكون مخصوصة بعينه وإن كانت أمراً مُباحاً، كما لو قيل: من المنافقين صاحب الجمل الأحمر وصاحبُ الثوب الأسود ونحو ذلك، فلمَّا دلَّ القرآن على ذمِّ عَيْنِ هذا القول والوعيدِ لصاحبه عُلم أنَّه لم يُقصَد به الدَّلالة على المنافقين بأعيانهم فقط، بل هو دليل على نوعٍ من المنافقين.

وأيضاً؛ فإنَّ هذا القول مناسبٌ للنفاق، فإنَّ لَمْزَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأذاه لا يفعله مَنْ يعتقد أنَّه رسولُ الله حقّاً، وأنَّه أَوْلى به من نَفْسه، وأنَّه لا يقول إلاَّ الحقّ، ولا يحكم إلاَّ بالعدل، وأنَّ طاعته طاعة لله، وأنَّه يجب على جميع الخلق تعزِيرُه وتوقيره، وإذا كان دليلاً على النفاق نفسِهِ؛ فحيثما حصل حصل النفاق) (١) .

* * *


(١) * ((الصارم المسلول)) (٢ / ٧٦ - ٧٧) .

<<  <   >  >>