للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنه من الكبائر، وهو بمنزلة من يستخدم الذئاب لرعي الغنم؛ فإنهم من أغش الناس للمسلمين ولولاة أمورهم، وهم أحرص الناس على فساد المملكة والدولة، وهم شر من المخامر الذي يكون في العسكر؛ فإن المخامر قد يكون له غرض: إما مع أمير العسكر، وإما مع العدو، وهؤلاء مع الملة، ونبيها، ودينها، وملوكها، وعلمائها، وعامتها، وخاصتها، وهم أحرص الناس على تسليم الحصون إلى عدو المسلمين وعلى إفساد الجند على ولي الأمر وإخراجهم عن طاعته.

والواجب على ولاة الأمور قطعهم من دواوين المقاتلة؛ فلا يتركون في ثغر ولا في غير ثغر؛ فإن ضررهم في الثغر أشد، وأن يستخدم بدلهم من يحتاج إلى استخدامه من الرجال المأمونين على دين الإسلام وعلى النصح لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم؛ بل إذا كان ولي الأمر لا يستخدم من يغشه وإن كان مسلماً؛ فكيف بمن يغش المسلمين كلهم؟!

ولا يجوز له تأخير هذا الواجب مع القدرة عليه؛ بل أي وقت قدر على الاستبدال بهم وجب عليه ذلك.

وأما إذا استخدموا وعملوا العمل المشروط عليهم؛ فلهم إما المسمى وإما أجرة المثل لأنهم عوقدوا على ذلك؛ فإن كان العقد صحيحاً وجب المسمى، وإن كان فاسداً وجبت أجرة المثل، وإن لم يكن استخدامهم من جنس الإجارة اللازمة؛ فهي من جنس الجعالة الجائزة، لكن هؤلاء لا يجوز استخدامهم؛ فالعقد عقد فاسد، فلا يستحقون إلا قيمة عملهم، فإن لم يكونوا عملوا عملاً له قيمة؛ فلا شيء لهم، لكن دماؤهم وأموالهم مباحة.

وإذا أظهروا التوبة؛ ففي قبولها منهم نزاع بين العلماء: فمن قبل توبتهم إذ التزموا شريعة الإسلام أقر أموالهم عليهم، ومن لم يقبلها لم تنقل إلى ورثتهم من جنسهم؛ فإن مالهم يكون فيأً لبيت المال، لكن هؤلاء إذا أخذوا

<<  <   >  >>