أن تدعوه هذه العاطفة١ إلى الغيرة على نفسه، وزوجه وولده والناس أجمعين فيأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، ويمنعهم عن ارتكاب ما يسخط الله سبحانه وتعالى. إن عاطفة حب الناس وحب الخير لهم إذا تحركت في القلب أثمرت دعوة، ونصيحة وصار لها قبول في الأرض وتوفيق في السماء. أما حين يفقد الإنسان هذه العاطفة فيعيش لنفسه، وولده وزوجه، يعيش ليستمتع ويتلذذ بما حوله وينسى هموم إخوانه المسلمين، فإنه حينئذ يكون قد تخلى عن حقيقة الولاء للمؤمنين، وإن دندن في أحاديثه حول الدعوة، والدعاة ومصائب المسلمين، فينبغي أن تصدر الكلمات والعبارات عن حماس وغيرة على هذا الدين وأهله، والسعي الحثيث على توصيل النفع والخير إلى عموم الناس حتى يدخلوا في هذا الدين أفواجًا كما دخل أسلافهم.
إن التوازن في شخصية الداعية أمر مطلوب، وإظهار الحب والشفقة واللين من الأمور الأساسية لنجاح الداعية، ومن اللين أن يتعامل مع كل حالة بما يقتضيه من الأخذ بقوة أو الرفق واللين، غير أنه يبقى أن الأصل في التعامل الاجتماعي اللين والرفق؛ لأن اللين والشفقة ظاهرة سلوكية تنبع من القلب.
فحب الخير للناس وإظهار الشفقة عليهم، وحب إنقاذهم مما هم فيه من معاص، وآثام تجعلهم ينقادون مع الداعية ويتبعونه، ويتركون ما هم عليه من معاص وشر، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله. إن شخصية الداعية لتقتضي القدرة على التعامل مع كل الناس بالشفقة