وفعلًا في وقتنا الحاضر ولله الحمد نرى ونسمع، رجالًا أفاضل: يدعون إلى الله، ويلاقون في دعوتهم ما لاقاه أسلافهم ممن سلك طريقهم، ونهج نهجهم في الماضي والحاضر ومع ذلك هم سائرون، فهي سنة الله، ولن تجد لسنة الله تبديلًا، ولن تجد لسنة الله تحويلا، والدعوة إلى الله هي طريق المرسلين، وقد لاقى الأنبياء في ذلك ما لاقوا من العنت، والصد والإباء والاستكبار، من لدن نوح عليه الصلة والسلام إلى نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- ومن جاء بعدهم من الدعاة، والمصلحين قد حصل هلم ما حصل من الإيذاء، والكيد فكن أخي الداعية من هذا الصنف الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وقد حاولت أن أسهل العبارة، وأختصر المقالة بقدر الاستطاعة حتى يسهل فهمه لكل قارئ، ويمكن استيعابه لكل سمع، وقد أسميته "دليل الداعية"، وقسمته إلى فصول تحت كل فصل ما يناسبه من الأبواب والموضوعات، ولا أقول: إنني أعطيت الموضوع حقه من البحث، لكني أدليت بدلوي مع الدلاء، وحاولت أن آتي بجديد، يجعل الداعية يحسن التعامل مع رئيسه والمسئولين عنه، ومع الزملاء في العمل ومع الحاكم والمحكوم، ومع الناس أجمعين، بأسلوب فيه سهولة ومرونة، ويسر وتعقل، خال من التعقيد المقيت، والمشادة والخلاف والنزاع الذي لا يأتي بخير، ولم أضع هذا الكتاب للمنتسبين للعمل في الدعوة والوعظ، والإرشاد فحسب، وإنما هو لجميع المسلمين العاملين لنصرة هذا الدين، أيا كان عملهم وحيثما كان موقعهم، فالمسلم يدعو إلى هذا الدين بقوله، وفعله بلسانه وسنانه، ينصر المظلوم ونشر العدل، هذا هو دأب المسلم الواثق من