... رأيت الجنة والنار تأمل وتفكر في أهل الجنة وفي وجوههم نضرة النعيم، يسقون من رحيق مختوم متكئين على أرائك منصوبة على أطراف أنهار مطردة بالخمر والعسل، ومحفوفة بالغلمان والولدان، مزينة بالحور العين من الخيرات الحسان كأنهن الياقوت والمرجان لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان، امنات من الهرم، مقصورات في الخيام، ثم يطاف عليهم وعليهن بأكواب وأباريق وكأس من معين بيضاء لذة للشاربين ويطوف عليهم خدام وولدان كأمثال اللؤلؤ المكنون جزاء بما كانوا يعملون، في مقام أمين في جنات وعيون في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
ينظرون فيها إلى وجه الملك الكريم وقد أشرقت في وجوههم نضرة النعيم، لا يرهقهم قتر ولا ذلة بل عباد مكرمون، وبأنواع التحف من ربهم يتعاهدون، فهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون، لا يخافون فيها ولا يحزنون وهم من ريب المنون امنون، فهم يتنعمون ويأكلون من أطعمتها ويشربون من أنهارها لبنا وخمرا وعسلا.