والذي نفس محمد بيده! لولا أن أشقّ على المسلمين ما قعدت خلاف سريّة تغزو في سبيل الله أبدا، ولكن لا أجد سعة فأحملهم، ولا يجدون سعة، ويشقّ عليهم أن يتخلفوا عني.
والذي نفس محمد بيده! لوددت أني أغزو في سبيل الله فأقتل، ثم أغزو فأقتل، ثم أغزو فأقتل» «١»
قال ابن القيم رحمه الله:
لما كثر المدعون للمحبة طولبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى، فلو يعطى الناس بدعواهم لادّعى الخليّ حرفة الشّجيّ، فتأخر أكثر المدعين للمحبة، وقام المجاهدون، فقيل لهم: إن نفوس المحبين وأموالهم ليست لهم، فسلموا ما وقع عليه العقد، فإن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، وعقد التبايع يوجب التسليم من الجانبين، فلما رأى التجار عظمة المشترى وقدر الثمن، وجلالة قدر من جرى عقد التبايع على يديه، ومقدار الكتاب الذي أثبت فيه هذا العقد، عرفوا أن للسلعة قدرا وشأنا ليس لغيرها من السلع، فرأوا من الخسران البين والغبن الفاحش أن يبيعوها بثمن بخس دراهم
(١) مسلم: كتاب الجهاد، باب: فضل الجهاد والخروج في سبيل الله رقم (٤٨٣٦) (نووي/ ١٣/ ٢٣)