قالت: فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء، حتى إنه ليتحدّر منه مثل الجمان من العرق وهو في يوم شات من ثقل القول الذي ينزل عليه.
قالت: فلما سرّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سرّي عنه وهو يضحك، فكانت أول كلمة تكلم بها:«يا عائشة، أما الله عز وجلّ فقد برّأك ... »«١»
ولك أن تتصور تلك الحالة النفسية التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتمها في صدره وهو يعلم ما تلوكه ألسنة المنافقين على أهله.
فكم هي هذه الهموم التي عاشها رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم وال بيته جميعا طيلة هذه المدة والتي فتر فيها الوحي كذلك.
ومع ذلك صبر صلى الله عليه وسلم وصمت حتى جاء الفرج وظهرت الحقيقة، وازدادت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها شرفا إلى شرفها، وذكرا حسنا إلى يوم القيامة يتلى. فلما أن سطع نور البراءة حدّ صلى الله عليه وسلم المؤمنين الذين زلت أقدامهم الحد الشرعي وطهرهم من هذا الإثم، وترك رأس الفتنة ولم يعمل فيه السيف لأن الحد لا يطهره، وأمثاله لعلو
(١) البخاري: كتاب التفسير: باب: " لولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم ... " رقم (٤٧٥٠) (فتح/ ٨/ ٥٧٨) .