للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبو بكرٍ الإسماعيليُّ (١)، والأوَّلُ هوَ (٢) الصحيحُ؛ لأنَّ مطلقَ ذلكَ ينصرفُ بظاهرِهِ إلى مَنْ إليهِ الأمرُ والنَّهْيُ، وَهُوَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وهكذا قَوْل الصحابيِّ ((مِنَ السُّنَّةِ كَذَا)) (٣)، فالأصحُّ أنَّهُ مُسنَدٌ مرفوعٌ؛ لأنَّ الظاهرَ أنَّهُ لا يريدُ بهِ إلاَّ سُنَّةَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وما يجبُ اتِّباعُهُ (٤). وكذلكَ قول أنسٍ - رضي الله عنه -: ((أُمِرَ بلالٌ أنْ يَشْفَعَ الأَذانَ ويُوتِرَ الإِقامةَ)) (٥)، وسائرُ ما جانسَ ذلكَ، ولا فرْقَ بينَ أنْ يقولَ ذلكَ في زمانِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وبعدَهُ (٦) - صلى الله عليه وسلم - (٧)،


(١) وكذلك أبو بكر الصيرفي من الشافعية، وأبو الحسن الكرخي والرازي من الحنفية، وابن حزم والغزالي وجماعة من الأصوليين، وأكثر مالكية بغداد، وحكاه إمام الحرمين عن المحققين، وذكر الزركشي أنه قول إمام الحرمين، بل حكى ابن فورك وسليم الرازي وابن القطان والصيدلاني: أنه الجديد من مذهب الشافعي وكذا نسبه المازري إلى أحد قولي الشافعي. انظر: البرهان ١/ ٦٤٩، والمنخول: ٢٧٨، والتبصرة في أصول الفقه: ٣٣١، وإحكام الأحكام ٢/ ٨٧، والإبهاج ٢/ ٣٢٨، والبحر المحيط ٤/ ٣٧٥، وشرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢٣٥، ونكت ابن حجر ٢/ ٥٢٣، وشرح السيوطي: ١٤٩، وهو الخلاف نفسه الذي يأتي في قول الصحابي: ((من السنة كذا ... )). وانظر: نكت ابن حجر ٢/ ٥٢٠.
(٢) ليست في (أ).
(٣) انظر: نكت الزركشي ١/ ٤٢٨، ونكت ابن حجر ٢/ ٥٢٣.
(٤) قال الحاكم: ((وقد أجمعوا على أن قول الصحابي: سنة: حديث مسند)). المستدرك ١/ ٣٥٨.
وقال البيهقي: ((لا خلاف بين أهل النقل أن الصحابي - رضي الله عنه - إذا قال: أُمِرنا، أو نُهِينا، أو من السنة كذا، أنه يكون حديثاً مسنداً)). نكت ابن حجر ٢/ ٥٢٢.
(٥) أخرجه الطيالسي (٢٠٩٥)، وعبد الرزاق (١٧٩٤)، وابن أبي شيبة ١/ ٢٠٥، وأحمد ٣/ ١٠٣ و ١٨٩، والدارمي (١١٩٦) و (١١٩٧)، والبخاري ١/ ١٥٧ (٦٠٣)، و١/ ١٥٨ (٦٠٦)، ومسلم ٢/ ٢ (٣٧٨)، وأبو داود (٥٠٨)، وابن ماجه (٧٢٩) والترمذي (١٩٣)، والنسائي ٢/ ٣، وأبو يعلى (٢٧٩٢)، وابن خزيمة (٣٦٦)، وأبو عوانة ١/ ٣٢٧، والطحاوي في شرح المعاني ١/ ١٣٢، وابن حبان (١٦٧٥)، والدارقطني ١/ ٢٣٩، والحاكم ١/ ١٩٨، والبيهقي ١/ ٣٩٠، والبغوي (٤٠٣) من طرق عن أبي قلابة، عن أنس.
(٦) في (ع): ((أو بعده)).
(٧) قال الزركشي ١/ ٤٣١: ((قلت: يقتضيه تساوي الأمرين، وهذا صحيح بالنسبة إلى أصل الاحتجاج إلاَّ أنهما يتفاوتان في القوة، فإنه يحتمل أن يكون الآمر والناهي من أدرك الخلفاء؛ لكن احتمال إرادته النبي - صلى الله عليه وسلم - أظهر، قلت: والخلاف في هذا قريب منه في الذي قبله.
فائدة: ويلتحق بقول الصحابي ((من السنة كذا)): ((لا تلبسوا علينا سنة نبينا)). كما رواه أبو داود عن عمرو بن العاص في عدة أم الولد. وقوله: ((أصبت السنة))، كما رواه الدارقطني عن عمر في المسح على الخفين، وكذا قوله: ((سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم -)) في حديث ابن عباس في متعة الحاج. وأقربها للرفع:
((سنة أبي القاسم))، ثمَّ: ((ولا تلبسوا))، ثمَّ: ((أصبت السنة)). وأما حديث أبي هريرة في الخارج من المسجد بعد الأذان: ((أما هذا فقد عصى أبا القاسم))، وقوله: ((من لم يجب الدعوة فقد عصى الله= =ورسوله))، فحكى المنذري عن بعضهم أنه موقوف، وذكر ابن عبد البر أنه مسند عندهم، قال ولا يختلفون في هذا وذاك أنهما مسندان مرفوعان)) ويلتحق به قول عمار في صوم يوم الشك)). وانظر: محاسن الاصطلاح: ١٢٨.

<<  <   >  >>