(٢) قال الزركشي ١/ ٤٣٤: ((ما اختاره في تفسير الصحابي سبقه إليه الخطيب وكذلك الأستاذ أبو منصور البغدادي، قال: إذا أخبر الصحابي عن سبب وقع في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أخبر عن نزول آية فيه فذلك مسند، لكن قال الحاكم في المستدرك: تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند البخاري ومسلم حديث مسند)). والتحقيق أن يقال: إن كان ذلك التفسير مما لا مجال للاجتهاد فيه فهو في حكم المرفوع، وإن كان يمكن أن يدخله الاجتهاد فلا يحكم عليه بالرفع. ومما أهمله المصنف ويليق ذكره هنا تأويل الصحابي الخبر على أحد محتمليه، وقال الشيخ أبو إسحاق في اللمع: إذا احتمل اللفظ أمرين احتمالاً واحداً فصرفه إلى أحدهما - كما روي عن عمر أنه حمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((الذهب بالذهب رباً إلا هاء وهاء)) على القبض في المجلس - فقد قيل: يقبل؛ لأنه أعرف بمعنى الخطاب. وفيه نظر عندي)). انتهى. وقال شيخه القاضي أبو الطيب: يجب قبوله على المذهب كتفسير ابن عمر التفرق بالأبدان دون الأقوال)). قلنا: فصَّل ابن حجر في نكته ٢/ ٥٣٠ هذا الأمر تفصيلاً أوسع على نحو ما قال الزركشي. (٣) أطلق كثير ممن صنّف في علوم الحديث عن الحاكم القول بأنه يرى تفسير الصحابي مرفوعاً، وهذه الدعوى يسعفها كلامه في المستدرك ١/ ٢٧ و ١٢٣ و ٥٤٢ وغيرها. لكن الذي ينبغي التنبيه عليه أن الحاكم ليس من مذهبه الإطلاق الذي حكى عنه، وإنما خصّه بأسباب النزول - كَمَا اختاره ابن الصَّلاح هنا - فَقَالَ في مَعْرِفَة علوم الحَدِيْث: ٢٠ بعد أن روى حديثاً في التفسير عن أبي هريرة: ((فأما ما نقول في تفسير الصحابي: مسند، فإنما نقوله في غير هذا النوع))، ثم ساق حديثاً عن جابر في سبب نزول آية، فقال: ((هذا الحديث وأشبهه مسندة عن آخرها وليست بموقوفة، فإن الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل فأخبر عن آية من القرآن أنها نزلت في كذا وكذا، فإنه حديث مسند)). وانظر: تدريب الراوي ١/ ١٩٠، وشرح السيوطي: ١٥٤. (٤) البقرة: ٢٢٣. (٥) أخرجه الحميدي (١٢٦٣)، وابن أبي شيبة ٤/ ٢٢٩، والدارمي (٢٢٢٠)، والبخاري ٦/ ٣٦ (٤٥٢٨)، ومسلم ٤/ ١٥٦ (١٤٣٥)، وأبو داود (٢١٦٣)، وابن ماجه (١٩٢٥)، والترمذي (٢٩٧٨)، والنسائي في تفسيره (٥٨) و (٥٩)، وأبو يعلى (٢٠٢٤)، والطحاوي ٣/ ٤٠، وفي شرح المشكل (٦١١٩)، وابن حبان (٤١٦٦). كلهم من طرق عن جابر، به.