للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسَيِّبِ (١) وأمثالِهما إذا قالَ: ((قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -)). والمشهورُ التَّسويةُ بينَ التابعينَ أجمعينَ في ذلكَ (٢) - رضي الله عنهم -، ولهُ صورٌ اختُلِفَ فِيْهَا أهِيَ مِنَ المرسَلِ أمْ لا؟

إحداها (٣): إذا انقطعَ الإسنادُ قبلَ الوصولِ إلى التَّابِعيِّ (٤) فكانَ فيهِ روايةُ راوٍ لَمْ يسمَعْ مِنَ المذكورِ فوقَهُ، فالذي قَطَعَ بهِ الحاكمُ الحافظُ أبو عبدِ اللهِ (٥) وغيرُهُ مِنْ أهلِ الحديثِ أنَّ ذلكَ لا يُسمَّى مُرسَلاً، وأنَّ الإرسالَ مخصوصٌ بالتابعينَ، بلْ إنْ كانَ (٦) مَنْ سَقَطَ ذِكْرُهُ قبلَ الوصولِ إلى التابعيِّ (٧) شخصاً واحداً سُمِّيَ مُنقَطِعاً فحسْبُ، وإنْ كانَ أكثرَ مِنْ واحدٍ سُمِّيَ مُعضَلاً، ويُسمَّى أيضاً منقطعاً، وسيأتي مثالُ ذلكَ إنْ شاءَ اللهُ تعالى.


= وكذلك ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب ٢/ ٤٣٦ (هامش الإصابة). والذهبي في تجريد أسماء الصحابة ١/ ٣٦٣ (٣٨٦٥) ورمز له (ب د ع). وقال ابن حجر في التقريب (٤٣٢٠): ((قتل أبوه ببدر، وكان هو في الفتح مميزاً، فعدّ في الصحابة لذلك، وعدّه العجلي وغيره في ثقات كبار التابعين)).
ويمكن الإجابة: بأن المصنفين في الصحابة إنما ذكروا ذلك فيه وفي أقرانه باعتبار وجوده في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يريدوا أنه صحابي؛ لأن حد الصَّحَابيّ لا ينطبق عَلَيْهِ، ولهذا ذكره خلق في جملة التابعين كالحاكم وكذا المصنف.
قلنا: هكذا أجاب الزركشي عن الاعتراض، ولكن الحقيقة أن حد الصحابي - عند المحدّثين - ينطبق عليه، على ما ذكر ابن حجر من أنه كان مميزاً يوم الفتح، وقد عدّوا في الصحابة من حاله أشبه بحال ابن الخيار، كالحسين بن علي وغيرهم، بل من هو أصغر منه بكثير كمحمود بن لبيد ومحمود بن الربيع الأنصاريين، ومحمد بن أبي بكر الصديق. وإثبات الصحبة له لا يعني بالضرورة كون حديثه مسنداً متّصلاً، نعم لم توجد له رواية مسندة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن ما الذي يمنع من الحكم بصحبته؟.
والخِيَار: بكسر الخاء المعجمة وتخفيف الياء.
انظر: تقريب التهذيب (٤٣٢٠)، والتاج ١١/ ٢٤٤.
(١) بكسر الياء وفتحها، جاء في القاموس وشرحه تاج العروس ٣/ ٩٠: ((هو كمحدِّث: والد الإمام التابعي الجليل سعيد، له صحبة، روى عنه ابنه، ويفتح، ويحكون عنه أنه كان يقول: سيَّب اللهُ مَنْ سَيَّبَ أبي، والكسر حكاه عياض وابن المديني ... )).
(٢) انظر: جامع التحصيل: ٢٣ - ٣٢، ونكت ابن حجر ٢/ ٥٤٢ - ٥٥٨.
(٣) في (ب): ((احدها)).
(٤) قال العراقي في التقييد: ٧١: ((قوله: ((قبل الوصول إلى التابعي)) ليس بجيد، بل الصواب: قبل الوصول إلى الصحابي، فإنه لو سقط التابعي أيضاً كان منقطعاً لا مرسلاً عند هؤلاء، ولكن هكذا وقع في عبارة الحاكم فتبعه المصنّف)).
(٥) انظر: معرفة علوم الحديث ٢٦.
(٦) في (ع) هنا زيادة: ((أكثر))، ولم ترد في شيء من النسخ الخطية أو (م) أو التقييد.
(٧) في (ب): ((التابع)).

<<  <   >  >>