للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمعروفُ في الفقهِ وأصولِهِ أنَّ كُلَّ ذلكَ (١) يُسمَّى مُرْسلاً (٢) وإليهِ ذهبَ مِنْ أهلِ الحديثِ أبو بكرٍ الخطيبُ وقَطَعَ بهِ، وقالَ: ((إلاَّ أنَّ أكثرَ ما يوصفُ بالإرسالِ مِنْ حيثُ الاستعمالُ ما رواهُ التابعيُّ عَنْ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، و (٣) أمَّا ما رواهُ تابعُ التابعيِّ (٤) عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيُسَمُّونَهُ المعْضَلَ (٥)، واللهُ أعلمُ.

الثانيةُ: قولُ الزُّهريِّ، وأبي حازمٍ، ويحيى بنِ سعيدٍ الأنصاريِّ، وأشباهِهِم مِنْ أصاغِرِ التابعينَ: ((قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -))، حكى ابنُ عبدِ البرِّ (٦): أنَّ قوماً لا يُسَمُّونَهُ مُرْسَلاً بلْ منقطِعاً؛ لكونِهِم لَمْ يَلْقُوا مِنْ الصحابةِ إلاَّ الواحِدَ والاثنينِ (٧)، وأكثرُ روايتِهِم عَنِ التابعينَ.

قلتُ: وهذا المذهبُ (٨) فَرْعٌ لِمَذْهَبِ مَنْ لا يُسَمِّي المنقطعَ قَبْلَ الوصولِ إلى التابعيِّ مُرسلاً (٩)، والمشهورُ التسويةُ بينَ التابعينَ في اسمِ الإرسالِ كما


(١) في (ب): ((كل شيء من ذلك)).
(٢) قال البلقيني: ((فائدة: قول ابن الحاجب وغيره من الأصوليين: ((المرسل قول غير الصحابي، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)). لا يعم صورة سقوط الرجل قبل التابعي، ولا سقوطه مع التابعي إذا ذكر الصحابي، فيظهر بذاك توقف في نسبة ذلك إلى المعروف في أصول الفقه)). المحاسن: ١٣٣.
(٣) ليست في (أ).
(٤) سقطت من (م)، وفي (ع): ((تابعي التابعي))، وأشار إلى أن في نسخة: ((تابع التابعي)).
(٥) الكفاية (٥٨ ت، ٢١ هـ)، وعاد فأكده في (٥٤٦ ت، ٣٨٤ هـ).
(٦) التمهيد ١/ ٢١.
(٧) جاء في حاشية (م): من أمالي ابن الصلاح: ((قال المملي - رضي الله عنه -: قولي الواحد والاثنين كالمثال في قلة ذلك، وإلا فالزهري قد قيل إنه رأي عشرة من الصحابة وسمع منهم: أنساً، وسهل بن سعيد، والسائب بن يزيد، ومحمود بن الربيع، وسُنَيْناً أبا جميلة ... وغيرهم، ومع ذلك فأكثر روايته عن التابعين، والله أعلم)).
قلنا: كذا نقل هذه الحاشية البلقيني في المحاسن: ١٣٣، والزركشي في نكته ١/ ٤٥١، وطوَّل التعليق عليها، وانظر: التقييد والإيضاح ٧٢، ونكت ابن حجر ٢/ ٥٥٩.
(٨) في (أ): ((مذهب)).
(٩) قال البلقيني: ١٣٥: ((فيه نظر: فهذا المذهب أصل يتفرع عليه أنه لا يسمى المنقطع قبل الوصول إلى التابعي مرسلاً)).
قال ابن حجر ١/ ٥٦٠ جامعاً بين القولين: ((يظهر لي أن ابن الصلاح لما رأى كثرة القائلين من المحدّثين بأن المنقطع لا يسمى مرسلاً؛ لأن المرسل يختص عندهم بما ظن منه سقوط الصحابي فقط، جعل قول من قال منهم: إن رواية التابعي الصغير إنما تسمى منقطعة لا مرسلة مفرعاً عنه؛ لأنه مما يظن أنه سقط منه الصحابي والتابعي أيضاً)).

<<  <   >  >>