للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"صحيحِ مسلمٍ": ((المرسلُ في أصلِ قولِنا وقولِ أهلِ العلمِ بالأخبارِ ليسَ بحُجَّةٍ)) (١).

وابنُ عبدِ البرِّ: حافِظُ المغربِ ممَّنْ حَكَى ذلكَ عَنْ جماعةِ أصحابِ الحديثِ (٢).

والاحتجاجُ بهِ مذهبُ مالكٍ وأبي حنيفةَ وأصحابِهِما-رَحِمَهُمُ اللهُ-في طائفةٍ (٣)، واللهُ أعلمُ.

ثُمَّ إنَّا لَمْ نَعُدَّ في أنواعِ المرسَلِ (٤) ونحوِهِ، ما يُسَمَّى في أُصولِ الفِقْهِ مرسَلَ الصحابيِّ (٥)، مثلُ ما يرويهِ ابنُ عبَّاسٍ وغيرُهُ مِنْ أحداثِ الصحابةِ عَنْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ولَمْ


(١) مقدمة صحيح مسلم ١/ ٢٤.
وقد اعترض بعضهم على ابن الصلاح بأن مسلماً حكى هذا القول على لسان خصمه، وليس هو قولاً له؟
قال الزركشي ١/ ٤٩٧: ((إنه وإن حكاه عن لسان خصمه لكن لَمَّا لم يعترض عليه بشيء فكأنّه ارتضاه؛ فلهذا ساغ لابن الصلاح عزوه إليه، ويؤيده قول الترمذي: ((الحديث إذا كان مرسلاً فإنه لا يصح عند أكثر أهل الحديث)).
(٢) التمهيد ١/ ٦. ونقل الزركشي ١/ ٤٩٨ عن ابن خلفون أنه قال في المنتقى: ((ولا اختلاف أعلمه بينهم أنه لا يجوز العمل بالمرسل إذا كان مرسله غير متحرز يرسل عن غير الثقات)).
(٣) قلنا: وهذا أيضاً قول الإمام أحمد في إحدى الروايتين، وإليه ذهب جمهور المعتزلة وهو اختيار الآمدي، وفصَّل عيسى بن أبان من أئمة الحنفية - فقبل مراسيل القرون الثلاثة الخيّرة ومرسل من هو من أئمة النقل مطلقاً، وهذا ما صحّحه النسفي.
وبالغ قوم فعدّوا المرسل أقوى من المسند؛ لأن من أرسل فقد تكفل، ومن أسند فقد أحال، واحتجّوا: بحسن الظنّ بالمرسل وأنه لا يرسل إلا عن ثقة، فإنه إن كان عدلاً لم يجز له إسقاط الواسطة وهو يعلم أنه غير عدلٍ؛ لأن هذا قادح في عدالة المرسل.
انظر: التبصرة في أصول الفقه ٣٢٦، والمحصول ٢/ ٢٢٤، شرح تنقيح الفصول ٣٧٩، وإحكام الأحكام ٢/ ١١٢، والمجموع ١/ ٦٠، وكشف الأسرار للنسفي ٢/ ٤٢، والإبهاج ٢/ ١١٢، والبحر المحيط ٤/ ٤٠٩.
وانظر ردّ الخطيب البغدادي على أصحاب القول الثاني في الكفاية: (٥٥١ ت، ٣٨٧ هـ).
(٤) انظر: نكت الزركشي ١/ ٥٠٠، والتقييد والإيضاح ٧٥.
(٥) هذا مذهب الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني، والقاضي أبي بكر الباقلاني - إلا أن يخبر أنه لا يروي إلا عن الصحابة - واختاره الغزالي في المستصفى، ونقله ابن بطال عن الشافعي وصحّحه ابن برهان، وقال القاضي عبد الوهاب: إنه الظاهر من مذهب الشافعي وإليه ذهب أبو طالب والحسن الرصاص - من أئمة الزيدية -، وقال المنصور بالله - منهم -: أن عنعنة الصحابي محتملة للاتصال والانقطاع.
انظر: التبصرة في أصول الفقه: ٣٢٦، والمستصفى ١/ ١٠٧، والمنخول: ٢٧٤، وجامع التحصيل: ٣٦، وتوضيح الأفكار ١/ ٣٣٥، ونكت ابن حجر ٢/ ٥٤٧، وشرح السيوطي: ١٦٢.

<<  <   >  >>