للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَهوَ أقْسَامٌ: مِنْها ما أُدْرِجَ في حديثِ رَسُوْلِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ كَلاَمِ بَعْضِ رواتِهِ بأنْ يَذْكُرَ الصَّحَابيُّ أو مَنْ بَعْدَهُ عَقِيْبَ ما يَرْوِيهِ مِنَ الحديثِ كلاَماً مِنْ عِندِ نفسِهِ، فيَرْوِيهِ مَنْ بَعدَهُ موصولاً بالحديثِ غيرَ فاصِلٍ بينهُما بذِكْرِ قائِلِهِ، فيلتَبِسُ الأمرُ فيهِ على مَنْ لاَ يَعْلَمُ حقيقةَ الحالِ، ويَتَوَهَّمُ أنَّ الجميعَ عن رَسُوْلِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (١).

ومِنْ (٢) أمثلَتِهِ المشهورَةِ: مَا رُوِّيْنَاهُ في التَّشَهُّدِ عَنْ أبي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بنِ معاويةَ عَنِ الحسَنِ بنِ الْحُرِّ، عَنِ القاسِمِ بنِ مُخَيْمِرَةَ (٣) عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ؛ أنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ في الصلاةِ فقالَ: ((قُل: التَّحِيَّاتُ للهِ ... فَذَكَرَ التَّشَهُّدَ، وفي آخِرِهِ: أشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ فإذا قُلْتَ هذا فَقَدْ قَضَيْتَ صَلاَتَكَ، إنْ شِئْتَ أنْ تقُومَ فَقُمْ، وإنْ شِئْتَ أنْ تَقْعُدَ فاقْعُدْ)) (٤).

هَكَذَا رَواهُ أبو خَيْثَمَةَ، عَنِ الحسَنِ بنِ الْحُرِّ، فأدْرَجَ في الحديثِ قَوْلَهُ: ((فَإِذَا قلتَ هَذَا ... إلى آخرِهِ))، وإنَّما هَذَا مِنْ كَلاَمِ ابنِ مَسْعودٍ لاَ مِنْ كلاَمِ رَسُوْلِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (٥).

ومِنَ الدليلِ عليهِ أنَّ الثِّقةَ الزَّاهِدَ (٦) عبدَ الرَّحْمَانِ بنَ ثابِتِ ثوبَانَ، رواهُ عَنْ


(١) قَيَّد المصنف الإدراج بكونه عقب الحديث، وما نظَّره المصنف خلاف الواقع، نعم ... أكثر ما يدرج يكون عقب المتن، إلا أن الإدراج وقع في بدايات بعض الأحاديث وفي وسطها، ثم إن الإدراج يقع أيضاً في الإسناد كما يقع في المتن، وعلى هذا كله يدل صنيع الخطيب البغدادي في كتابه "الفصل للوصل المدرج في النقل". وانظر: نكت الزركشي ٢/ ٢٤١، والتقييد والإيضاح: ١٢٧، ونكت ابن حجر ٢/ ٨١١.
(٢) ((من)) ليست في (أ).
(٣) بضم الميم وفتح الخاء المعجمة وكسر الميم الثانية. شرح صحيح مسلم للنووي ١/ ٣٠٠، وكذا في الخلاصة: ٣١٤، ولكنه قال بفتح الميم الثانية.
(٤) أخرجه من هذه الطريق: الطيالسي (٢٧٥)، وأحمد ١/ ٤٢٢، والدارمي (١٣٤٧)، وأبو داود (٩٧٠)، وابن حبان (١٩٦١)، والدارقطني ١/ ٣٥٣.
(٥) نص على هذا غير واحد من الحفّاظ، منهم: الدارقطني في السنن ١/ ٣٥٣، وفي العلل (١٢٧٥)، والحاكم في معرفة علوم الحديث: ٣٩، والبيهقي في الكبرى ٢/ ١٧٤، والخطيب في الفصل: ١٠٤، ونقل النووي في الخلاصة ٦١ / ب اتفاق الحفّاظ على إدراجها. وانظر: تعليقاتنا على شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٣٩٦ - ٤٠٠.
(٦) قلنا: أما زهده فلا خلاف في أنه كان نهاية في الزهد والعبادة. وأما كونه ((ثقة)) فلعل اجتهاد المصنف فيه كان كذلك، وإلا ففيه خلاف في توثيقه، ولم يوثقه إلا قلّة، وإليك أقوال العلماء كما أوردها المزي في تهذيبه ٤/ ٣٨١: =

<<  <   >  >>