هذا محل نظر، والذي يظهر من كلام مسلم ربما دلَّ عليه الحديث المتقدم، بأن احتمال الصدق إذا كان احتمالاً ضعيفاً أنه لا يعتد به)). أفاده ابن حجر في نكته ٢/ ٨٤٠. (٢) اعترض عليه العلاّمة ابن دقيق العيد في الاقتراح: ٢٣٤، فقال: ((هذا كافٍ في ردِّهِ، لكنه ليس بقاطع في كونه موضوعاً؛ لجواز أن يكذب في هذا الإقرار بعينه)). وأجاب عنه الزركشي في نكته ٢/ ٢٥٦ بقوله: ((إن كان الحديث لا يعرف إلا من طريق ذلك الشخص كان إقراره بذلك مسقطاً لروايته، وقد حكم الشرع على المقرِّ بمقتضى إقراره، وإن كان يحتمل أن يكون في نفس الأمر خلافه فلا نظر إلى ذلك)). قلنا: وقد فهم الحافظ الذهبي من كلام شيخه ابن دقيق العيد أن إقرار الواضع لا يعمل به أصلاً، فقال في الموقظة: ٣٧: ((هذا فيه بعض ما فيه، ونحن لو افتتحنا باب التجويز والاحتمال البعيد لوقعنا في الوسوسة والسفسطة)). كذا قال الذهبي!! وردّه الحافظ ابن حجر في نزهة النظر: ١١٨، فقال: ((وفهم منه بعضهم أنه لا يعمل بذلك الإقرار أصلاً، وليس ذلك مراده، وإنما نَفَى القطعَ بذلك، ولا يلزم من نفيِ القطعِ نفيُ الحكم؛ لأن الحكم يقع بالظن الغالب وهو هنا كذلك، ولولا ذلك لما ساغ قتل المقرِّ بالقتل ولا رجم المعترف بالزنى، لاحتمال أن يكونا كاذبين فيما اعترفا به)). وزاد الأمر إيضاحاً في نكته على كتاب ابن الصلاح ٢/ ٨٤٠ - ٨٤١، فقال: ((كلام ابن دقيق العيد ظاهر في أنه لا يستشكل الحكم؛ لأن الأحكام لا يشترط فيها القطعيات، ولم يقل أحد أنه يقطع بكون الحديث موضوعاً بمجرد الإقرار، إلا أن إقرار الواضع بأنه وضع يقتضي موجب الحكم العمل بقوله، ... وهذا كله مع التجرد. أما إذا انضمّ إلى ذلك قرائن تقتضي صدقه في ذلك الإقرار كمن روى عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - حديث الأعمال بالنيات، فإنا نقطع بأنه ليس من رواية مالك ولا نافع ولا ابن عمر)). (٣) قال ابن حجر ٢/ ٨٤٢: ((يمثل لذلك بما رواه البيهقي في المدخل بسنده الصحيح، أنهم اختلفوا - بحضور أحمد بن عبد الله الجويباري - في سماع الحسن من أبي هريرة - رضي الله عنه -، فروى لهم حديثاً بسنده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((سمع الحسن من أبي هريرة - رضي الله عنه -)). =