للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذَكَرَ الخطيبُ الحافِظُ (١): أنَّهُ مَذْهَبُ الأئِمَّةِ مِنْ حُفَّاظِ الحديْثِ ونُقَّادِهِ، مِثْلَ البخارِيِّ، ومُسْلِمٍ، وغَيْرِهِما؛ ولذلكَ احْتَجَّ البخاريُّ بجماعَةٍ سَبَقَ مِنْ غَيْرِهِ الجرحُ

لَهُمْ (٢)، كَعِكْرِمَةَ مَوْلَى ابنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، وكَإسْمَاعِيْلَ بنِ أبي أُوَيْسٍ، وعَاصِمِ بنِ علِيٍّ، وعَمْرِو بنِ مَرْزُوقٍ، وغَيْرِهِمْ.

واحْتَجَّ مُسْلِمٌ بسُوَيْدِ بنِ سعيدٍ وجماعةٍ اشْتَهَرَ الطَّعْنُ فيهمْ، وهَكَذا فَعَلَ أبو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ؛ وذَلِكَ دَالٌّ عَلَى أنَّهُمْ ذَهَبُوا إلى أنَّ الجرحَ لاَ يَثْبُتُ إلاَّ إذَا فُسِّرَ سَبَبُهُ. ومَذَاهِبُ النُّقَّادِ للرِّجَالِ غَامِضَةٌ مُخْتَلِفَةٌ (٣).

وَعَقَدَ الخطيبُ (٤) باباً في بَعْضِ أخْبَارِ مَنِ اسْتُفْسِرَ في جَرْحِهِ فَذَكَرَ ما لاَ يصلحُ جارِحاً، منها: عَنْ شُعْبَةَ أنَّهُ قِيْلَ لهُ: ((لِمَ تَركْتَ حَدِيْثَ فُلاَنٍ؟) فقَالَ: ((رأيْتُهُ يَرْكُضُ عَلَى بِرْذَونٍ (٥)، فَتَرَكْتُ حَدِيْثَهُ)) (٦). ومِنْها عَنْ مُسْلِمِ بنِ إبراهيمَ أنَّهُ سُئِلَ عَنْ حَدِيْثٍ لِصَالِحِ الْمُرِّيِّ (٧)، فَقَالَ: مَا يُصْنَعُ (٨) بصَالِحٍ؟ ذَكروهُ يوماً عِنْدَ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ فامتَخَطَ حَمَّادٌ (٩)، واللهُ أعلمُ.


(١) الكفاية: (١٧٨ - ١٧٩ت، ١٠٨هـ‍). وانظر: البرهان ١/ ٥٦٠، والبحر المحيط ٤/ ٢٩٤.
(٢) انظر: نكت الزركشي ٣/ ٣٣٨ وما بعدها.
(٣) انظر: الكفاية: (١٧٩ - ١٨٠ ت، ١٠٨ - ١٠٩ هـ‍).
(٤) الكفاية: (١٨١ - ١٨٧ ت، ١١٠ - ١١٤ هـ‍).
(٥) يطلق على غير العربي من الخيل والبغال، ويعرف باسم: ((الكديش)). انظر: معجم متن اللغة ١/ ٢٦٩، والمعجم الوسيط ١/ ٤٨.
(٦) رواه الخطيب في الكفاية: (١٨٢ ت، ١١٠ - ١١١ هـ‍).
(٧) بضم الميم وتشديد الراء. تقريب التهذيب (٢٨٤٥).
(٨) في (أ) وتدريب الراوي ١/ ٣٠٦: ((تصنع))، وكذا في نشرتي الكفاية: (١٨٥ ت، ١١٣ هـ‍)، وفي فتح المغيث ١/ ٣٣٢: ((نصنع)).
ووردت في بعض النسخ الخطية حاشية للمصنف، وأوردها الزركشي في نكته ٣/ ٣٥٣ قائلاً: ((ضبطه المصنف بضم الياء المثناة من تحت وفتح النون، وقال: هكذا في أصل موثوق به، فيه سماع الخطيب)).
(٩) الكفاية: (١٨٥ ت، ١١٣ هـ‍).

<<  <   >  >>