للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" الصحيحينِ " كثيرٌ مِنْ أحَادِيْثِهِمْ في الشَّوَاهِدِ والأُصُولِ (١)، واللهُ أعلمُ.

العَاشِرَةُ: التَّائِبُ مِنَ الكَذِبِ في حديثِ النَّاسِ وغيرِهِ مِنْ أسْبَابِ الفِسْقِ، تُقْبَلُ روايتُهُ، إلاَّ التَّائبَ مِنَ الكَذِبِ مُتَعَمِّداً في حديْثِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فإنَّهُ لاَ تُقْبَلُ روايَتُهُ

أبَداً، وإنْ حَسُنَتْ تَوْبَتُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ عَنْ غَيرِ واحِدٍ مِنْ أهلِ العِلْمِ، منْهُمْ: أحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ (٢)، وأبو بكرٍ الْحُمَيْدِيُّ - شَيْخُ البخارِيِّ (٣) -.

وأطلَقَ الإمامُ أبو بكرٍ الصَّيْرَفِيُّ الشَّافِعِيُّ فيما وجدْتُ لهُ في " شرحِهِ لرسَالَةِ الشافِعِيِّ "، فقالَ: ((كلُّ مَنْ أسْقَطْنا خَبَرَهُ مِنْ أهلِ النَّقْلِ بكَذِبٍ (٤) وَجَدْنا عليهِ، لَمْ نَعُدْ لقَبُولِهِ بتوبَةٍ تَظهَرُ، ومَنْ ضَعَّفْنا نَقْلَهُ لَمْ نَجْعَلْهُ قَوِيّاً بَعدَ ذَلِكَ، وذَكَرَ أنَّ ذَلِكَ مِمَّا افترَقَتْ فيهِ الروايةُ والشَّهادَةُ (٥). وذَكَرَ الإمَامُ أبو المظَفَّرِ السَّمْعَانيُّ المروزيُّ: ((أنَّ (٦) مَنْ كَذَبَ في خَبَرٍ واحِدٍ، وجَبَ إسْقَاطُ ما تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِهِ)) (٧)، وهذا يُضَاهِي مِنْ حَيْثُ المعْنَى ما ذَكَرَهُ الصَّيْرَفِيُّ (٨)، واللهُ أعلمُ.


= وأجاب العراقي عن هذا فقال: ((قال أبو داود: ليس في أهل الأهواء أصح حديثاً من الخوارج))، ثم ذكر عمران بن حطان وأبا حسان الأعرج. ولم يحتج مسلم بعبد الحميد الحماني، إنما أخرج له في المقدمة، وقد وثّقه ابن معين)). التقييد: ١٥٠.
(١) سرد أسماءهم السيوطي في تدريب الراوي ١/ ٣٢٨ - ٣٢٩ فبلغوا ثلاثة وثمانين راوياً.
(٢) رواه عنه الخطيب في الكفاية: (١٩٠ ت، ١١٧ هـ‍).
(٣) رواه الخطيب أيضاً في الكفاية: (١٩١ ت، ١١٨ هـ‍).
(٤) قال العراقي في التقييد: ١٥١: ((ذكر المصنف أن أبا بكر الصيرفي أطلق الكذب، أي: فلم يخصه بالكذب في الحديث. والظاهر: أن الصيرفي إنما أراد الكذب في الحديث، بدليل قوله: ((من أهل النقل))، وقد قيده بـ ((المحدِّث)) فيما رأيته في كتابه المسمّى بـ " الدلائل والاعلام "، فقال: وليس يطعن على المحدّث إلا أن يقول: تعمدت الكذب، فهو كاذب في الأول، ولا يقبل خبره بعد ذلك)).
(٥) انظرها في: إكمال المعلم ١/ ١٠٧، والفروق ١/ ٥، ومحاسن الاصطلاح: ٢٣١، والنكت الوفية: ٢٢٥ / أ، وتدريب الراوي ١/ ٣٣١ - ٣٣٤.
(٦) بعد هذا في (ع) زيادة: ((كل))، ولم ترد في شيء من النسخ التي اعتمدناها في التحقيق.
(٧) انظر: قواطع الأدلة ١/ ٣٢٤، وبه قال الماوردي والروياني من الشافعية. انظر: البحر المحيط ٤/ ٢٨٤.
قال البلقيني في محاسنه: ٢٣٢: ((ما نقل عن الصيرفي يقرب منه ما قاله ابن حزم: من أسقطنا حديثه لم نعد لقبوله أبداً، ومن احتججنا به لم نسقط روايته أبداً. وكذا قاله ابن حبان في آخرين)).
(٨) قلنا: وهذا الذي اختاره ابن الصلاح ونقله عن الصيرفي وأبي المظفر السمعاني، نقله أيضاً الحازمي
عن سفيان الثوري وابن المبارك ورافع بن الأشرس وأبي نعيم الفضل بن دكين. انظر: شروط الأئمة الخمسة: ٥٤. =

<<  <   >  >>