للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعَنْ أحمدَ بنِ حَنبَلٍ (١)، وأبي حاتِمٍ الرازِيِّ (٢)، نحوُ ذلكَ. وتَرَخَّصَ أبو نُعَيْمٍ الفضلُ بنُ دُكَينٍ (٣) وعليُّ بنُ عبدِ العزيزِ المكِّيُّ (٤) وآخرونَ (٥) في أخْذِ العِوَضِ عَلَى التَّحْديثِ، وذَلِكَ شَبِيهٌ بأخْذِ الأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيْمِ القرآنِ ونَحْوِهِ، غَيْرَ أنَّ في هَذَا مِنْ حَيْثُ العُرْفُ خَرْماً للمرُوءةِ، والظَّنُّ يُسَاءُ بفاعِلهِ إلاَّ أنْ يَقْتَرِنَ ذَلِكَ بعُذْرٍ يَنْفِي ذَلِكَ عنهُ، كمثلِ ما حَدَّثَنِيهُ الشيخُ أبو المظَفَّرِ عَنْ أبيهِ الحافِظِ أبي سَعْدٍ السَّمْعانيِّ أنَّ أبا الفَضْلِ محمدَ ابنَ ناصِرٍ السَّلاَمِيَّ ذَكَرَ أنَّ أبا الحسَيْنِ بنِ النَّقُّورِ (٦) فَعَلَ ذَلِكَ؛ لأنَّ الشيْخَ أبا إسْحاقَ الشِّيرازيَّ أفتاهُ بجوَازِ أخْذِ الأُجْرَةِ عَلَى التَّحْدِيْثِ؛ لأنَّ أصحابَ الحديثِ كَانُوا يَمْنَعُونَهُ عَنِ الكَسْبِ لِعِيَالِهِ (٧)، واللهُ أعلمُ.

الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: لاَ تُقْبَلُ روَايَةُ مَنْ عُرِفَ بالتَّسَاهُلِ في سَمَاعِ الحديثِ أوْ إسْماعِهِ كَمَنْ لاَ يُبَالِي بالنَّوْمِ في مجْلِسِ السَّماعِ (٨)، وكَمَنْ يُحَدِّثُ لاَ مِنْ أصلٍ مُقَابَلٍ صحيحٍ.


(١) انظر: الكفاية: (٢٤٠ ت، ١٥٣ - ١٥٤ هـ‍).
(٢) انظر: المصدر السابق، مع نكت الزركشي ٣/ ٤١٧.
(٣) رواه عنه الخطيب في الكفاية: (٢٤٣ ت، ١٥٥ هـ‍).
(٤) انظر: المصدر السابق.
(٥) منهم: مجاهد، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي. انظر: الكفاية: (٢٤٣ - ٢٤٤ ت، ١٥٥ - ١٥٦ هـ‍)، وانظر: بحثاً نفيساً في استدلال بعضهم على جواز هذا بفعل أبي بكر، وردّ ابن الجوزي عليهم كما في نكت الزركشي ٣/ ٤١٨.
(٦) هو أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي البزار، مولده سنة (٣٨١ هـ‍)، ووفاته سنة (٤٧٠ هـ‍). انظر: تاريخ بغداد ٤/ ٣٨١، والمنتظم ٨/ ٣١٤، وسير أعلام النبلاء ١٨/ ٣٧٣.
(٧) انظر: تاريخ بغداد ٤/ ٣٨١، والمنتظم ٨/ ٣١٤، وسير أعلام النبلاء ١٨/ ٣٧٤.
(٨) قيّد الزركشي بالنوم الذي يطغى على العقل، أما النعاس الذي لا يختل معه فهم الكلام، فلا بأس به لا سِيّما إذا صدر من فطن عالم بهذا الشأن. انظر: نكت الزركشي ٣/ ٤٢٣.
واستدل بما حكاه الحافظ ابن كثير عن شيخه الحافظ أبي الحجاج المزي، أنه كان: يكتب في مجلس السماع، وينعس في بعض الأحيان، ويردّ على القارئ ردّاً جيّداً بيّناً واضحاً، بحيث يتعجب القارئ من نفسه، أنه يغلط فيما في يده وهو مستيقظ والشيخ ناعس، وهو أنبه منه!! ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. انظر: اختصار علوم الحديث ١/ ٣٤٠ - ٣٤١.

<<  <   >  >>