للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقِيْلَ لِمُوسَى بنِ إسْحَاقَ: ((كَيْفَ لَمْ تَكْتُبْ (١) عَنْ أبي نُعَيْمٍ؟)) (٢)، فقالَ: ((كَانَ أهلُ الكُوْفَةِ لاَ يُخْرِجُونَ أوْلاَدَهُمْ في طَلَبِ الحديثِ صِغَاراً حَتَّى يَسْتَكْمِلُوا عِشْرِينَ

سَنَةً)) (٣). وقَالَ مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ: ((أهْلُ البَصْرَةِ يَكْتبُونَ لِعَشْرِ سِنِيْنَ، وأهْلُ الكُوْفَةِ لِعِشْرِينَ، وأهلُ الشَّامِ لِثَلاَثِينَ)) (٤)، واللهُ أعلمُ.

قُلْتُ: ويَنْبَغِي بَعْدَ أنْ صَارَ الملْحُوظُ إبْقَاءَ سِلْسِلَةِ الإسْنَادِ أنْ يُبَكَّرَ بإسْماعِ الصَّغِيْرِ في أوَّلِ زَمَانٍ يَصِحُّ فيهِ سَمَاعُهُ.

وأمَّا الاشْتِغَالُ بِكِتْبَةِ الحديثِ (٥)، وتَحْصِلِه، وضَبْطِهِ، وتَقْييدِهِ، فَمنْ حِيْنَ يَتَأَهَّلُ لِذَلِكَ وَيَسْتَعِدُّ لَهُ. وذَلِكَ يَخْتَلِفُ باخْتِلاَفِ الأشْخَاصِ، ولَيْسَ يَنْحَصِرُ في سِنٍّ (٦) مَخْصُوصٍ كَمَا سَبَقَ ذِكْرُهُ آنِفاً عَنْ قَوْمٍ، واللهُ أعلمُ.

الثَّالِثُ: اخْتَلَفُوا في أوَّلِ زَمَانٍ يَصِحُّ فيهِ سَمَاعُ الصَّغِيْرِ (٧).

فَرُوِّيْنَا عَنْ مُوْسَى بنِ هَارُونَ الحمَّالِ (٨) - أحَدِ الْحُفَّاظِ النُّقَّادِ - أنَّهُ سُئِلَ: ((مَتَى يَسْمَعُ الصَّبِيُّ الحديثَ؟) فقالَ: إذَا فَرَّقَ بينَ البَقَرَةِ والدَّابَّةِ))، وَفِي روايةٍ: ((بينَ البَقَرَةِ والحِمَارِ)) (٩). وَعَنْ أحمدَ بنِ حَنْبَلٍ - رضي الله عنه - أنَّهُ سُئِلَ: ((مَتَى يَجُوزُ سَمَاعُ الصَّبِيِّ


(١) في (أ): ((ولم يكتب))، وفي (ب): ((لا يكتب)).
(٢) انظر: نكت الزركشي ٣/ ٤٦٢ - ٤٦٣.
(٣) المحدّث الفاصل: ١٨٦، والكفاية: (١٠٤ ت، ٥٤ - ٥٥ هـ‍).
(٤) المحدّث الفاصل: ١٨٧، والكفاية: (١٠٤ ت، ٥٥ هـ‍).
(٥) في (ع): ((بكتبه الحديث))، وما أثبتناه من (أ) و (ب) و (م) والشذا الفياح، وراجع حاشية المحاسن: ٢٤٢، وتاج العروس ٤/ ١٠٠ وما بعدها.
(٦) في (ب): ((شخص)).
(٧) فصّل الزركشي ذلك في نكته ٣/ ٤٦٣ - ٤٦٨.
(٨) تشير المصادر إلى أن (الحمّال) لقب لأبيه -وهو بالحاء المهملة وتشديد الميم-، هذه النسبة إلى حمل الأشياء وإنما سُمِّيَ حَمّالاً؛ لأنه حمل رجلاً في طريق مكة على ظهره، فانقطع به فيما يقال.
وفي الأنساب ٢/ ٢٩٨: ((وهارون كان بزازاً فتزهد فصار يحمل الأشياء بالأجرة ويأكل منها، وقيل: إنه لُقِّبَ بالحمّال؛ لكثرة ما حمل من العلم)). وانظر: تهذيب الكمال ٧/ ٣٧٨ وسير أعلام النبلاء ١٢/ ١١٥، ولكنَّ كلام صاحب الأنساب ٢/ ٢٩٧ يُشْعِر أن هذا اللقب اشتهر به ابنه أيضاً وبقي عليه.
(٩) انظر الروايتين في: الكفاية: (١١٧ - ١١٨ ت، ٥٦ هـ‍).

<<  <   >  >>