للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للحديثِ؟)) (١)، فقالَ: ((إذا عَقَلَ وَضَبَطَ) فَذُكِرَ لَهُ عَنْ رَجُلٍ أنَّهُ قَالَ: ((لاَ يَجُوزُ سَمَاعُهُ حَتَّى يَكُونَ (٢) لَهُ خَمسَ عَشْرَةَ سَنَةً))، فأنْكَرَ قَوْلَهُ، وقَالَ: ((بِئْسَ القَوْلُ!)) (٣).

وأخْبَرَنِي الشيخُ أبو محمدٍ عَبدُ الرحمانِ بنُ عَبدِ اللهِ الأسديُّ عَنْ أبي محمدٍ عبدِ اللهِ ابن محمدٍ الأشِيريِّ، عَنِ القاضي الحافِظِ عِيَاضِ بنِ مُوْسَى السَّبْتِيِّ (٤) اليَحْصُبِيِّ (٥)،

قالَ: ((قَدْ حَدَّدَ أهْلُ الصَّنْعَةِ في ذَلِكَ أنَّ أَقَلَّهُ سِنُّ محمودِ بنِ الرَّبِيْعِ)) (٦). وذَكَرَ روايةَ البخاريِّ في " صحِيْحِهِ " (٧) بَعْدَ أنْ تَرْجَمَ: ((مَتى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيْرِ؟)) بإسْنادِهِ عَنْ محمودِ بنِ الرَّبيعِ، قَالَ: ((عَقَلْتُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَجَّةً (٨) مَجَّهَا في وَجْهِي وأنَا ابنُ خَمسِ سِنِيْنَ مِنْ دَلْوٍ))، وفي روايةٍ أُخْرى: أنَّهُ كَانَ ابنُ أربعِ سِنِيْنَ (٩).

قُلْتُ: التَّحْديدُ بخَمْسٍ هُوَ الذي اسْتَقَرَّ عليهِ عَمَلُ أهلِ الحديثِ المتأخِّرينَ، فيكْتبُونَ لابنِ خَمْسٍ فَصَاعِداً سَمِعَ، ولِمَنْ لَمْ يَبْلُغْ خَمْساً، حَضَرَ، أو أُحْضِرَ. والذي ينبغي في


(١) ارجع إلى تفصيل ذلك في نكت الزركشي ٣/ ٤٦٨ - ٤٧٠.
(٢) في (ب): ((تكون)).
(٣) الكفاية: (١١٣ ت، ٦١ هـ‍) مع بعض الاختلاف.
(٤) نسبة إلى سبتة - بفتح السين، وقيل بالكسر وسكون الباء - مدينة مشهورة بالمغرب. انظر: معجم البلدان ٣/ ١٨٢، والتاج ٤/ ٥٤٢.
(٥) بفتح الياء المثناة، وسكون الحاء المهملة، وضم الصاد المهملة وفتحها وكسرها. وفيات الأعيان
٣/ ٤٨٥، والتاج ٢/ ٢٨٦.
(٦) الإلماع: ٦٢.
(٧) صحيح البخاري ١/ ٢٩ عقب (٧٧) باب: ((حتى يصح سماع الصغير)) و ١/ ٥٦ عقب (١٨٩) باب: استعمال وضوء الناس. وأخرجه أيضاً مسلم في صحيحه ٢/ ١٢٦ (٣٣)، وابن ماجه (٦٦٠)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (١١٠٨)، وابن خزيمة (١٧٠٩).
(٨) مَجَّة - بفتح الميم وتشديد الجيم المعجمة -، والمجّ: هو إرسال الماء من الفم، وقيل: لا يسمّى مجّاً إلا إن كان على بعد. وفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - مع محمود إما مداعبة معه، أو ليبارك عليه بها، كما كان شأنه مع أولاد الصحابة. فتح الباري ١/ ١٧٢.
(٩) الإلماع: ٦٣. وقال الحافظ ابن حجر في الفتح ١/ ١٧٣ عقب (١٨٧)، وذكر القاضي عياض في الإلماع وغيره أن بعض الروايات أنه كان ابن أربع، ولم أقف على هذا صريحاً في شيء من الروايات بعد التتبع التام، إلا إذا كان ذلك مأخوذاً من قول صاحب الاستيعاب ٣/ ٤٢٢: ((إنه عقل مجة، وهو ابن أربع سنين أو خمس)).

<<  <   >  >>