للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَنِّي غَيرَ مُسْنِدٍ ذَلِكَ إلى أنَّهُ أخطأَ فيهِ، أوْ شَكَّ فيهِ ونحوِ ذَلِكَ، بلْ منَعَهُ مِنْ رِوَايتِهِ عنهُ مَعَ جَزْمِهِ بأنَّهُ حديثُهُ وروايتُهُ (١)، فذلِكَ غيرُ مُبْطلٍ لِسَماعِهِ، ولاَ مانِعٌ لهُ مِنْ روايتِهِ عنهُ (٢).

وسَأَلَ الحافِظُ أبو سَعْدِ بنُ عَلِيَّكٍ (٣) النَّيْسَابُوريُّ الأسْتَاذَ أبا إسْحَاقَ الإسْفِرايِينِيَّ

- رَحِمَهُما اللهُ - عَنْ مُحَدِّثٍ خَصَّ بالسَّمَاعِ قوماً، فَجَاءَ غيرُهُمْ وَسَمِعَ منهُ مِنْ غَيرِ عِلْمِ المحدّثِ بهِ، هلْ يَجُوزُ لهُ روايةُ ذلكَ عنهُ؟ فأجابَ بأنَّهُ يَجُوزُ، ولوْ قالَ المحدِّثُ: إنِّي أُخْبِرُكُمْ ولاَ أُخْبِرُ فُلاَناً، لَمْ يَضُرَّهُ، واللهُ أعلمُ.

القِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أقْسَامِ طُرُقِ نَقْلِ الحدِيْثِ وَتَحَمُّلِهِ: الإجَازَةُ (٤)

وهِيَ مُتَنوِّعَةٌ أنواعاً:

أوَّلُها: أنْ يُجِيزَ لِمُعَيَّنٍ في مُعَيَّنٍ، مِثْلُ أنْ يَقُولَ: أجَزْتُ لَكَ الكِتَابَ الفُلاَنِيَّ، أو ما اشْتَمَلَتْ عليهِ فِهْرِستِي هذهِ، فهَذا أعلَى أنواعِ الإجَازةِ المجَرَّدَةِ عَنِ المنَاوَلَةِ. وزَعَمَ بَعْضُهُمْ (٥) أنَّهُ لاَ خِلاَفَ في جَوَازِهَا وَلاَ خَالَفَ فيها أهلُ الظَّاهِرِ، وإنَّمَا خِلاَفُهُمْ في غيرِ هذا النوعِ. وزادَ القاضِي أبو الوليدِ الباجِيُّ المالِكِيُّ فأطْلَقَ (٦) نَفْيَ الخِلاَفِ وقالَ: ((لاَ


(١) عبارة: ((وروايته)) سقطت من (م).
(٢) ينظر: المحدّث الفاصل: ٤٥١ - ٤٥٢، والكفاية: (٤٩٨ - ٤٩٩ ت، ٣٤٨ - ٣٤٩ هـ‍) والإلماع: ١١٠.
(٣) هو الحافظ: أبو سعد، عبد الرحمان بن الحسين بن عليك النيسابوري، توفي سنة (٤٣١ هـ‍). سير أعلام النبلاء ١٧/ ٥٠٩، وقد حصل خلاف في ضبط لفظة (عليك) انظره في الإكمال ٦/ ٢٦٢، وتبصير المنتبه ٣/ ٩٦٦، ونزهة الألباب ٢/ ٣٥، وذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل: ١٨٢ حاشية المحقق، وما أثبتناه هو أحد تلك الوجوه.
(٤) انظر عن اشتقاق لفظ الإجازة، ومعانيها اللغوية: مقاييس اللغة ١/ ٤٩٤، ونكت الزركشي ٣/ ٥٠٢، وشرح التبصرة ٢/ ١٥٨، والنكت الوفية: ٢٦٠ / ب، وتاج العروس ١٥/ ٧٥، وحاشية توضيح الأفكار ٢/ ٣٠٩.
(٥) هو القاضي عياض حكى ذلك في الإلماع: ٨٨.
(٦) راجع: نكت الزركشي ٣/ ٥٠٢ - ٥٠٦.

<<  <   >  >>