للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خِلاَفَ في جَوازِ الروايةِ بالإجازَةِ مِنْ سَلَفِ هذهِ الأُمَّةِ وخَلَفِها))، وادَّعَى الإجماعَ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيْلٍ، وحَكَى الخِلاَفَ في العَمَلِ بها (١).

قُلْتُ: هذا باطِلٌ، فقَدْ خالَفَ في جَوَازِ الروايَةِ بالإجَازَةِ جَماعاتٌ مِنْ أهْلِ الحديثِ والفُقَهاءِ والأُصُوليينَ، وذلكَ إحْدَى الروايتَيْنِ عَنِ الشَّافِعِيِّ - رضي الله عنه - (٢)، رُويَ عَنْ صاحِبِهِ الرَّبيعِ بنِ سُلَيمانَ، قالَ: ((كانَ الشَّافِعِيُّ لاَ يَرَى الإجَازَةَ في الحديثِ. قالَ الربيعُ: أنَا أُخَالِفُ الشَّافِعِيَّ (٣) في هذا)). وقدْ قَالَ بإبْطَالِها جَمَاعةٌ مِنَ الشَّافِعِيِّينَ، منهُم: القَاضِيانِ حُسَيْنُ (٤) بنُ محمَّدٍ الْمَرْوَرُّوذِيُّ (٥)، وأبو الحسَنِ الماوَرْدِيُّ (٦) - وبهِ قَطَعَ الماوَرْدِيُّ في كتابِهِ "الحَاوِي" (٧) وعَزَاهُ إلى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - وقَالاَ جَمِيْعاً: ((لَوْ جَازَتِ الإجَازَةُ لَبَطَلَتِ الرِّحْلَةُ)). ورُوِيَ أيضاً هذا الكَلامُ عَنْ شُعْبَةَ (٨) وغيرِهِ.

ومِمَّنْ أبْطَلَها مِنْ أهْلِ الحديثِ الإمامُ إبْرَاهيمُ بنُ إسْحَاقَ الحربِيُّ (٩)، وأبو محمَّدٍ عبدُ اللهِ بنُ محمَّدٍ الأصْبَهانيُّ الملقَّبُ بـ: (أبي الشَّيْخِ) (١٠)، والحافِظُ أبو نَصْرٍ الوائِلِيُّ السِّجْزِيُّ. وحَكَى أبو نَصْرٍ فَسَادَها عَنْ بَعْضِ مَنْ لَقِيَهُ. قَالَ أبو نَصْرٍ: وسَمِعْتُ جَماعَةً


(١) الإلماع: ٨٩.
(٢) انظر: الكفاية: (٤٥٥ ت، ٣١٧ هـ‍)، والبحر المحيط ٤/ ٣٩٧.
(٣) انظر: محاسن الاصطلاح: ٢٦٢.
(٤) في (م): ((حسن)) خطأ.
(٥) نسبة إلى مَرْوَرُّوذ - بفتح الميم وسكون الراء المهملة، وفتح الواو وتشديد الراء المهملة المضمومة، وبعد الواو ذال معجمة -، وهي من أشهر مدن خراسان. انظر: وفيات الأعيان ١/ ٦٩، والأنساب ٥/ ١٤٥.
(٦) بفتح الميم وسكون الألف وفتح الواو وسكون الراء، وفي آخرها دال مهملة، وهذه النسبة إلى بيع ماء الورد وعمله. انظر: الأنساب ٥/ ٦١، واللباب ٣/ ١٦٥.
(٧) انظر: الحاوي ٢٠/ ١٤٦، وأدب القاضي، له ١/ ٣٨٧ - ٣٨٩، وروضة الطالبين ١١/ ١٥٧.
(٨) مذهب شعبة في المنع حكاه الخطيب في الكفاية: (٤٥٤ ت، ٣١٦ هـ‍).
(٩) الكفاية: (٤٥٣ ت، ٣١٥ - ٣١٦ هـ‍).
(١٠) الكفاية: (٤٥٤ - ٤٥٥ ت، ٣١٦ هـ‍).

<<  <   >  >>