للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأندلسِ - لِكُلِّ مَنْ دَخَلَ قُرْطُبَةَ مِنْ طَلَبَةِ العِلْمِ (١). ووافَقَهُ عَلَى جَوَازِ ذلكَ جَماعَةٌ، منهُمْ: أبو عبدِ اللهِ بنِ عَتَّابٍ (٢) - رضي الله عنهم -. وأنْبَأَنِي مَنْ سَأَلَ الحازِمِيَّ (٣) أبا بَكْرٍ عَنِ الإجَازَةِ العَامَّةِ هذهِ فَكَانَ مِنْ جَوَابِهِ أنَّ مَنْ أدْرَكَهُ مِنَ الْحُفَّاظِ نحوُ أبي العَلاءِ الحافِظِ وغيرِهِ كَانُوا يَمِيلُونَ إلى الجوازِ، واللهُ أعلمُ.

قُلْتُ: وَلَمْ نَرَ ولَمْ نَسْمَعْ عَنْ أحَدٍ مِمَّنْ يُقْتَدَى بهِ أنَّهُ اسْتَعْملَ (٤) هذهِ الإجَازَةَ فَرَوَى بها، ولاَ عَنِ الشِّرْذِمَةِ (٥) المسْتَأْخِرَةِ الذينَ سَوَّغُوها، والإجازَةُ في أصْلِهَا ضَعْفٌ، وتَزْدادُ بهذا التَّوسُّعِ والاسْتِرْسَالِ ضَعْفاً كَثِيْراً لاَ يَنْبَغِي احْتِمَالُهُ (٦)، واللهُ أعلمُ.

النَّوْعُ الرَّابِعُ مِنْ أنواعِ الإجَازَةِ: الإجازَةُ لِلْمَجْهُولِ أو بالمجْهُولِ ويَتَشَبَّثُ (٧) بذَيْلِها الإجَازَةُ المعَلَّقَةُ بالشَّرْطِ، وذَلِكَ مثلُ أنْ يَقُولَ: أجَزْتُ لمحمَّدِ بنِ خالِدٍ الدِّمَشْقِيِّ (٨)، وفي وَقْتِهِ ذلكَ جماعَةٌ مُشْتَرِكُونَ في هذا الاسمِ والنَّسَبِ، ثُمَّ لاَ يُعَيِّنُ المجازُلهُ منْهُمْ، أويَقُولَ: أجَزْتُ لِفُلاَنٍ أنْ يَرْوِيَ عَنِّي كِتَابَ السُّنَنِ، وهوَ يَرْوِي جماعَةً مِنْ كُتُبِ السُّنَنِ المعرُوفَةِ بذَلِكَ ثُمَّ (٩) لاَ يُعَيِّنُ. فَهَذِهِ إجَازَةٌ فاسِدَةٌ لاَ فَائِدَةَ لَهَا (١٠). وَلَيْسَ مِنْ هَذَا القَبِيْلِ مَا إذا


(١) الإلماع: ٩٩.
(٢) الإلماع: ٩٩.
(٣) قال الزركشي في نكته ٣/ ٥١٧: ((يشير إلى أبي عبد الله محمد بن سعيد الدبيثي، فإنه كتب إلى الحافظ أبي بكر الحازمي فسأله عن الرواية بالإجازة العامة وكيف يقول من أحب الرواية بها؟ فأجاب: ((هذا مما وقع في كلام المتأخرين، ولم أرَ في اصطلاح المتقدمين من ذلك شيئاً)) ثم ساق كلام الحازمي بطوله.
(٤) ناقش العراقي المصنف في هذا نقاشاً مستفيضاً في كتابه التقييد ١٨٢ - ١٨٣.
(٥) الشِّرذمة: تطلق على القليل من الناس. انظر: مقاييس اللغة ٣/ ٢٧٣، والمستأخر نقيض المستقدم. اللسان ٤/ ١٢.
(٦) قال العراقي في شرح التبصرة ٢/ ١٣٣: ((ممن أجازها أبو الفضل أحمد بن الحسين بن خيرون البغدادي، وأبو الوليد بن رشيد المالكي، وأبو طاهر السلفي، وغيرهم. ورجَّحه أبو عمرو بن الحاجب، وصحَّحه النووي من زياداته في " الروضة "، وقد جمع بعضهم من أجاز هذه الإجازة العامة في تصنيف له، جمع فيه خلقاً كثيراً رتبهم على حروف المعجم؛ لكثرتهم)). وانظر: منتهى الوصول: ٨٣، وروضة الطالبين ١١/ ١٥٨.
(٧) في (م) والشذا: ((تتشبث)).
(٨) في تاريخ دمشق ٥٢/ ٣٧٩ - ٣٩١ جماعة باسم محمد بن خالد الدمشقي فانظره إن شئت.
(٩) ((ثم)): ساقطة من (م).
(١٠) تبعه النووي، كما في زوائده على الروضة ١١/ ١٥٨.

<<  <   >  >>