للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَرْضِ المناولَةِ المذْكورِ (١) عَنْ كَثيرٍ مِنَ المتَقَدِّمينَ أنَّهُ سَماعٌ. وهذا مُطَّرِدٌ في سَائِرِ مَا يُمَاثِلُهُ مِنْ صُوَرِ المناولَةِ المقرُونَةِ بالإجَازَةِ. فَمِمَّنْ حَكَى الحاكِمُ ذلكَ عنهُمْ: ابنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، ورَبِيْعَةُ الرأيِ، ويَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأنْصَارِيُّ، ومَالِكُ بنُ أنسٍ الإمامُ في آخرينَ مِنَ المدنِيِّينَ. ومُجَاهِدٌ، وأبو الزُّبَيْرِ، وابنُ عُيَيْنَةَ في جَماعَةٍ مِنَ المكِّيِّينَ. وعَلْقَمةُ وإبراهِيمُ النَّخَعِيَّانِ، والشَّعْبِيُّ في جَمَاعَةٍ مِنَ الكُوفِيِّينَ. وقَتَادَةُ وأبو العَالِيَةِ، وأبو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيُّ في طَائِفَةٍ مِنَ البَصْرِيِّيْنَ. وابنُ وَهْبٍ، وابنُ القَاسِمِ، وأشْهَبُ في طَائِفَةٍ مِنَ المِصْرِيِّيْنَ. وآخَرُونَ مِنَ الشَّامِيِّيْنَ والْخُرَسَانِيِّيْنَ. ورَأَى الحاكِمُ طَائِفَةً مِنْ مَشَايِخِهِ عَلَى ذلكَ (٢)، وفي كَلاَمِهِ بعضُ التَّخليطِ مِنْ حيثُ كَوْنُهُ خَلَطَ بعضَ ما وَرَدَ في عَرْضِ القِرَاءَةِ بما ورَدَ في عَرْضِ المناولَةِ، وسَاقَ الجميعَ مَسَاقاً واحِداً. والصحيحُ أنَّ ذَلِكَ غيرُ حالٍّ مَحَلَّ السَّماعِ، وأنَّهُ مُنْحَطٌّ عَنْ دَرَجَةِ التَّحْدِيثِ لَفْظاً والإخْبَارِ قِرَاءَةً (٣).

وقدْ قَالَ الحاكِمُ في هذا العَرْضِ: ((أمَّا فُقَهَاءُ الإسْلاَمِ (٤) الذينَ أفْتَوا في الحلاَلِ والحرَامِ فإنَّهُمْ لَمْ يَرَوْهُ سَمَاعاً، وبهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، والأوْزَاعِيُّ، والبُوَيْطِيُّ والْمُزَنِيُّ، وأبو حَنِيْفَةَ، وسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وأحمدُ بنُ حَنْبَلٍ، وابنُ المبَارَكِ، ويَحْيَى بنُ يَحْيَى، وإسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْهِ. قَالَ: وعليهِ عَهِدْنا أئِمَّتَنا وإليْهِ ذَهَبُوا وإليْهِ نَذْهَبُ)) (٥)، واللهُ أعْلَمُ.

ومِنْها: أنْ يُنَاوِلَ الشَّيْخُ الطالِبَ كِتَابَهُ ويُجُيزُ لهُ رِوايَتَهُ عنهُ، ثُمَّ يُمْسِكَهُ الشَّيْخُ عِندَهُ ولاَ يُمَكِّنَهُ منهُ، فَهَذا يَتَقَاعَدُ عَمَّا سَبَقَ؛ لِعَدَمِ احْتِواءِ الطَّالِبِ عَلَى مَا تَحَمَّلَهُ، وغَيْبتِهِ عنهُ، وجَائِزٌ لَهُ روايةُ ذَلِكَ عنهُ إذا ظَفِرَ بالكِتابِ، أوْ بِمَا هُوَ مُقَابَلٌ بهِ عَلَى وَجْهٍ يَثِقُ مَعَهُ بموافَقَتِهِ لِمَا تَنَاولَتْهُ الإجازَةُ، عَلَى (٦) مَا هُوَ مُعْتَبَرٌ في الإجَازاتِ المجرَّدَةِ عَنِ المناوَلَةِ.


(١) في (ب): ((المذكورة)).
(٢) راجع: محاسن الاصطلاح: ٢٧٩.
(٣) راجع: محاسن الاصطلاح: ٢٨٠.
(٤) راجع: نكت الزركشي ٣/ ٥٣٥، والتقييد: ١٩٢، ومحاسن الاصطلاح: ٢٨١.
(٥) معرفة علوم الحديث: ٢٥٩ - ٢٦٠، وانظر: محاسن الاصطلاح: ٢٨١.
(٦) في (م): ((مع)).

<<  <   >  >>