للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الملْفُوظِ بها. وغيرُ مُسْتَبْعَدٍ تصحيحُ ذلكَ بمجَرَّدِ هذهِ الكِتَابَةِ في بابِ الروايةِ التي جُعِلَتْ فيهِ القراءةُ على الشيخِ مَعَ أنَّهُ لَمْ يَلْفِظْ بما قُرِئَ عليهِ، إخْبَاراً منهُ بما قُرِئَ عليهِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ بيانُهُ، واللهُ أعلمُ.

القِسْمُ الرَّابِعُ مِنْ أقْسَامِ طُرُقِ تَحَمُّلِ الحدِيْثِ وتَلقِّيْهِ: الْمُنَاوَلَةُ:

وهِيَ عَلَى نَوْعَيْنِ:

أحدُهُما: المنَاوَلَةُ المقْرُونَةُ بالإجَازَةِ (١) وهيَ أعْلَى أنواعِ الإجَازَةِ (٢) على الإطلاقِ، ولَها صُورٌ، منها: أنْ يَدْفَعَ الشَّيْخُ إلى الطالِبِ أصْلَ سَماعِهِ أوْ فَرْعاً مُقَابَلاً بهِ (٣)، ويقولَ: ((هذا سَماعِي، أوْ رِوايَتِي عَنْ فُلانٍ فارْوِهِ عَنِّي، أو أجزْتُ لَكَ روايَتَهُ عَنِّي))، ثُمَّ يُمَلِّكَهُ إيَّاهُ، أوْ يَقُولَ: ((خُذْهُ وانْسَخْهُ وقَابِلْ بهِ ثُمَّ رُدَّهُ إليَّ))، أوْ نحوَ هذا.

ومنها: أنْ يَجِيءَ الطالِبُ إلى الشيخِ بكِتابٍ أوْ جُزْءٍ مِنْ حديثِهِ فيَعْرِضَهُ عليهِ، فيتَأَمَّلَهُ الشيخُ وهوَ عارفٌ مُتَيَقِّظٌ، ثُمَّ يُعِيْدَهُ إليهِ، ويقُولَ لهُ: ((وَقَفْتُ على ما فيهِ وهوَ حَدِيثي عَنْ فُلانٍ أو رِوَايَتِي عَنْ شُيُوخِي فيهِ، فَارْوِهِ عَنِّي، أوْ أجَزْتُ لَكَ روايَتَهُ عَنِّي)). وهذا قدْ سَمَّاهُ غيرُ واحِدٍ مِنْ أئِمَّةِ الحديثِ: عَرْضاً، وقدْ سَبَقَتْ حِكَايَتُنا في القِرَاءَ ةِ على الشيخِ أنَّها تُسَمَّى عَرْضاً أيَضاً (٤)، فَلنُسَمِّ ذلكَ عَرْضَ القِرَاءَ ةِ، وهذا عَرْضَ المناولةِ، واللهُ أعلمُ (٥).

وهذهِ المناولَةُ المقْتَرِنَةُ (٦) بالإجازَةِ حالَّةٌ (٧) مَحَلَّ السَّمَاعِ عِنْدَ مَالِكٍ (٨)،

وجماعَةٍ مِنْ أئِمَّةِ أصْحَابِ الحديثِ (٩). وحَكَى الحاكِمُ أبو عبدِ اللهِ الحافِظُ

النَّيْسَابُورِيُّ (١٠) في


(١) قال الزركشي في نكته ٣/ ٥٣٢: ((قد أنكر بعض الأصوليين إفراد المناولة عن الإجازة ... الخ)).
(٢) انظر: نكت الزركشي ٣/ ٥٣٢ - ٥٣٣.
(٣) قال الزركشي في نكته ٣/ ٥٣٣: ((نبّه بذلك على أن الشيخ لو سمع نسخة من كتاب مشهور فليس له أن يشير إلى نسخة أخرى من ذلك الكتاب، ويقول: سمعت هذا؛ لأن النُّسَخ تختلف مالم يعلم اتفاقهما بالمقابلة)).
(٤) لم ترد في (م).
(٥) جملة: ((والله أعلم))، لم ترد في (م).
(٦) في (م): ((المقرونة)).
(٧) انظر: نكت الزركشي ٣/ ٥٣٣ - ٥٣٥.
(٨) الكفاية: (٤٦٧ ت، ٣٢٧ هـ)، والإلماع: ٧٩.
(٩) انظر: الكفاية: (٤٦٦ - ٤٦٧ ت، ٣٢٦ - ٣٢٧ هـ)، والإلماع: ٧٩.
(١٠) معرفة علوم الحديث: ٢٥٧ - ٢٥٨.

<<  <   >  >>