للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَجَدَ ضَالَّتَهُ وِجْدَاناً، ومَطْلُوبَهُ وُجُوداً، وفِي الغَضَبِ: مَوْجِدَةً، وَفِي الغِنَى: وُجْداً (١)، وفِي الْحُبِّ: وَجْداً (٢).

مِثَالُ الوِجَادَةِ: أنْ يَقِفَ على كِتَابِ شَخْصٍ فيهِ أحاديثُ يَروِيها بِخَطِّهِ وَلَمْ يَلْقَهُ، أوْ لَقِيَهُ ولكِنْ لَمْ يَسْمَعْ منهُ ذلكَ الذي وَجَدَهُ بِخَطِّهِ، ولاَ لهُ منهُ إجَازَةٌ ولاَ نَحْوُها، فلَهُ أنْ يَقُولَ: وَجَدْتُ بِخَطِّ فُلاَنٍ (٣)، ويَذْكُرَ شَيْخَهُ، ويَسُوقَ سَائِرَ الإسْنَادِ والمتْنِ (٤)، أوْ يَقُولَ: وَجَدْتُ، أوْ قَرَأْتُ بِخَطِّ فُلاَنٍ عَنْ فُلاَنٍ، ويَذْكُرَ الذي حَدَّثَهُ ومَنْ فَوْقَهُ. هذا الذي اسْتَمَرَّ عليهِ العَمَلُ قَدِيماً وحَدِيثاً، وهوَ مِنْ بابِ المنقَطِعِ والمرسَلِ (٥) غيرَ أنَّهُ أَخَذَ شَوْباً مِنَ الاتِّصَالِ بقَوْلِهِ: وَجَدْتُ بخَطِّ فُلاَنٍ.

ورُبَّما دَلَّسَ بعضُهُمْ فَذَكَرَ الذي وَجَدَ خَطَّهُ، وقَالَ (٦) فيهِ: عَنْ فُلاَنٍ، أوْ قَالَ فُلانٌ؛ وذَلكَ تَدليسٌ قَبيحٌ إذا كَانَ بحيثُ يُوهِمُ سَمَاعَهُ منهُ عَلَى مَا سَبَقَ في نوعِ التَّدليسِ. وجَازَفَ بعضُهُمْ فأطْلَقَ فيهِ: حَدَّثَنا وأَخْبَرَنا (٧)، وانْتُقِدَ ذلكَ عَلَى فاعِلِهِ. وإذا وَجَدَ حَدِيْثاً في تأليفِ شَخْصٍ وليسَ بخَطِّهِ، فَلَهُ أنْ يَقُولَ: ذَكَرَ فُلاَنٌ، أوْ قَالَ فلاَنٌ: أخْبَرَنا فُلاَنٌ، أوْ ذَكَرَ فُلاَنٌ عَنْ فُلاَنٍ. وهذا مُنْقَطِعٌ لَمْ يَأْخُذْ شَوْباً مِنَ الاتِّصَالِ. وهَذا كُلُّهُ


(١) ضبطه السيوطي في شرحه على ألفية العراقي: ٢٩٨ بالضم، قلنا: ويجوز ضبطه بالفتح، والكسر أيضاً، فهو مثلث. انظر: الصحاح ٢/ ٥٤٧، ومقاييس اللغة ٦/ ٨٦، ولسان العرب ٣/ ٤٤٥.
(٢) وهناك مصادر أخرى للفعل لم يذكرها المصنف، انظرها في نكت الزركشي ٣/ ٥٥١، والتقييد والإيضاح: ٢٠٠، وشرح التبصرة ٢/ ١٨٩، وتاج العروس ٩/ ٢٥٣.
(٣) قال الزركشي في نكته ٣/ ٥٥٣: ((وهذا إنما يصح إذا تحقق أنه خطّه بأن كتبه بحضوره وهو يراه، أو قال له: هذا خطّي، وإلاّ فليقل: رأيتُ مكتوباً بخطّ ظننت أنه خط فلان، فإن الخط قد يشبه الخط، وبذلك عبّر الغزالي في المستصفى)). وانظر: المستصفى ١/ ١٦٦.
(٤) بعد هذا في (ع): ((معاً))، ولم ترد في شيء من النسخ ولا في (م).
(٥) قال الزركشي في نكته ٣/ ٥٥٣: ((وهكذا قال الحافظ رشيد الدين القرشي في الغرر المجموعة: ((الوجادة داخلة في باب المقطوع عند علماء الرواية))، وقد يقال: بل عده من التعليق أولى من المرسل والمنقطع)).
(٦) في (جـ): ((فقال)).
(٧) منهم: إسحاق بن راشد، رواه عنه الحاكم في معرفة علوم الحديث: ١١٠، ومن طريقه القاضي عياض في الإلماع: ١١٩. ومنهم المرزباني، وأبو نعيم الأصبهاني، وقد تقدم الكلام عنهما.

<<  <   >  >>