للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَكُونُ مَبْسُوطَةً صَفّاً، والتي فَوقَ الشِّيْنِ المعْجَمَةِ تَكُونُ كَالأَثَافِيِّ (١). ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَجْعَلُ عَلاَمةَ الإهْمالِ فَوقَ الحروفِ المهمَلَةِ كَقُلاَمَةِ الظُّفْرِ مُضْجَعةٌ (٢) عَلى قَفَاها. ومِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ تحتَ الحاءِ المهمَلَةِ حَاءً مُفْرَدَةً صَغِيرةً، وكذا تحتَ الدَّالِ، والطَّاءِ، والصَّادِ، والسِّيْنِ، والعَيْنِ، وسَائِرِ الحروفِ المهْمَلَةِ الملتَبِسَةِ مثلُ ذلكَ.

فهذهِ وجُوهٌ مِنْ عَلاَماتِ الإهْمَالِ شائعَةٌ معرُوفَةٌ. وهُناكَ مِنَ العلاماتِ ما هوَ موجودٌ في كثيرٍ مِنَ الكُتُبِ القَدِيْمَةِ (٣) ولاَ يَفْطُنُ لهُ كَثِيرُونَ، كَعَلاَمَةِ مَنْ يَجْعَلُ فوقَ الحرفِ المهمَلِ خَطّاً صَغِيْراً، وكَعَلاَمَةِ مَنْ يَجْعَلُ تحتَ الحرفِ المهملِ مِثْلَ الهمْزَةِ، واللهُ أعلمُ.

السَّادِسُ: لاَ يَنْبَغِي أنْ يَصْطَلِحَ مَعَ نَفْسِهِ في كِتَابِهِ بِمَا لاَ يَفْهَمُهُ غيرُهُ فَيُوقِعَ غيرَهُ في حَيْرَةٍ، كَفعلِ مَنْ يَجْمَعُ في كِتَابِهِ بينَ رواياتٍ مختَلِفَةٍ ويَرْمِزُ إلى روايةِ كُلِّ راوٍ بحرفٍ واحِدٍ مِنِ اسْمِهِ أوْ حَرْفَيْنِ وما أشْبَهَ ذَلِكَ، فإنْ بَيَّنَ في أوَّلِ كِتَابِهِ أوْ آخِرِهِ مُرادَهُ بتلْكَ العلاَماتِ والرمُوزِ فَلاَ بأسَ. ومَعَ ذلكَ فالأَوْلَى أنْ يَجْتَنِبَ (٤) الرَّمْزَ ويَكْتُبَ عِنْدَ كُلِّ روايةٍ اسمَ راوِيْها بِكَمالِهِ مُخْتَصَراً ولاَ يَقْتَصِرُ على العلاَمَةِ ببعضِهِ، واللهُ أعلمُ.

السَّابِعُ: يَنْبَغِي أنْ يَجْعَلَ بينَ كُلِّ حديثينِ دارَةً تَفْصِلُ بينَهُما وتُمَيِّزُ (٥). ومِمَّنْ بَلَغَنا عنهُ ذلكَ مِنَ الأئِمَّةِ أبو الزِّنَادِ (٦)، وأحمدُ بنُ حَنْبَلٍ، وإبْرَاهيمُ بنُ إسْحَاقَ الحربيُّ،


(١) جمع أثفية -بضم الهمزة وكسرها-: وَهِيَ الحجارة الَّتِي تنصب، ويجعل القدر عَلَيْهَا، وياء الجمع مشدّدة، وَقَدْ تخفّف، وتجمع عَلَى أثافٍ أيضاً. انظر: اللسان ٩/ ٣، ونكت الزركشي ٣/ ٥٧٥، والتاج ٢٣/ ٥.
(٢) في (م): ((مضطجعة)).
(٣) قال العراقي في التقييد: ٢٠٧: ((اقتصر المصنف في هذه العلامة على جعل خط صغير فوق الحرف المهمل، وترك فيه زيادة ذكرها القاضي عياض في الإلماع (١٥٧)، حكى عن بعض أهل المشرق أنه يُعَلِّم فوق الحرف المهمل بخط صغير يشبه النبرة، فحذف المصنف منه ذكر النبرة، والمصنف إنما أخذ ضبط الحروف المهملة بهذه العلامات من الإلماع للقاضي عياض، وإذا كان كذلك فحذفه لقوله: يشبه النبرة يخرج هذه العلامة عن صفتها، فإن النبرة هي الهمزة كما قال الجوهري - الصحاح ٢/ ٨٢٢ - وصاحب المحكم ومقتضى كلام المصنف أنها كالنصبة لا كالهمزة)).
(٤) في (ع) و (م) والشذا والتقييد: ((يتجنب)).
(٥) الجامع لأخلاق الراوي ١/ ٢٧٢ قبيل (٥٧٠).
(٦) المحدّث الفاصل: ٦٠٦ (٨٨٢)، والجامع لأخلاق الراوي ١/ ٢٧٢ (٥٧١).

<<  <   >  >>