للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هِشَامٍ: ((كَتَبْتَ؟) قالَ: ((نَعَمْ) قالَ: ((عَرَضْتَ كِتَابَكَ؟)) قالَ: ((لا) قالَ: ((لَمْ تَكْتُبْ)) (١).

وَرُوِّيْنَا عَنِ الشَّافِعِيِّ (٢) الإمامِ، وعَنْ يَحْيَى بنِ أبي كَثِيْرٍ قالاَ: ((مَنْ كَتَبَ ولَمْ يُعَارِضْ كَمَنْ دَخَلَ الخلاَءَ ولَمْ يَسْتَنْجِ)). وعَنْ الأخَفَشِ قالَ: ((إذا نُسِخَ الكِتَابُ ولَمْ يُعَارَضْ ثُمَّ نُسِخَ وَلَمْ يُعَارَضْ خَرَجَ أعْجَمِيّاً)) (٣).

ثُمَّ إنَّ أفْضَلَ المعَارَضَةِ أنْ يُعَارِضَ الطَّالِبُ بنفْسِهِ كِتَابَهُ بِكِتَابِ (٤) الشَّيْخِ مَعَ الشَّيْخِ في حالِ تَحْدِيْثِهِ إيَّاهُ مِنْ كِتَابِهِ، لما يجمعُ ذلكَ مِنْ وجوهِ الاحْتِياطِ والإتْقَانِ مِنَ الجانِبَيْنِ. وما لَمْ تَجْتَمِعْ فيهِ هذهِ الأوْصَافُ نَقَصَ مِنْ مَرْتَبَتِهِ بقدَرِ ما فاتَهُ مِنْهَا. وما ذَكَرْناهُ أَوْلَى مِنْ إطْلاَقِ أبي الفَضْلِ الْجَارُودِيِّ الحافِظِ الْهَرَوِيِّ (٥) قَولَهُ: ((أصْدَقُ المعارَضَةِ مَعَ نَفْسِكَ)) (٦). ويُسْتَحَبُّ أنْ يَنْظُرَ معهُ في نُسْخَتِهِ مَنْ حَضَرَ مِنَ السَّامِعِيْنَ مِمَّنْ لَيْسَ معهُ نُسْخَةٌ لاَ سِيَّما إذا أرادَ النَّقْلَ مِنْها. وقَدْ رُوِيَ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ أنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ لَمْ ينظرْ (٧) في الكِتَابِ


(١) أخرجه الرامهرمزي في المحدّث الفاصل: ٥٤٤، والخطيب في الجامع (٥٧٦)، والكفاية: ... (٣٥٠ت، ٢٣٧هـ) والقاضي عياض في الإلماع: ١٦٠، وابن السمعاني في أدب الإملاء: ٧٩.
قال البقاعي: ((يحتمل -وهو أظهر- أن يكون (لم) حرف جزم فيكون المعنى أن ما كتبه عَدَمٌ؛ لعدم نفعه، ويحتمل أن تكون استفهامية، وهو قريب من الأول)). النكت الوفية: ٢٨٧/ب.
(٢) قال العراقي في التقييد: ٢١٠: ((إنما هو معروف عن الأوزاعي، وعن يحيى بن أبي كثير))، وبنحوه في نكت الزركشي ٣/ ٥٨٢. وإلى الأوزاعي أسنده ابن عبد البر في الجامع ١/ ٧٧ - ٧٨. وأسنده الرامهرمزي في المحدّث الفاصل: ٥٤٤، وابن عبد البر في الجامع ١/ ٧٧، والخطيب في الكفاية: (٣٥٠ ت، ٢٣٧ هـ)، وفي الجامع (٥٧٧)، وابن السمعاني في أدب الإملاء ٧٨ - ٧٩ إلى يحيى بن أبي كثير.
(٣) أسنده الخطيب في الكفاية: (٣٥١ ت، ٢٣٧ - ٢٣٨ هـ)، وانظر: المحاسن: ٣١٠.
(٤) انظر: المحاسن: ٣١٠.
(٥) هو الحافظ أبو الفضل محمد بن أحمد بن محمد، الجارودي الهروي، توفي سنة (٤١٣ هـ‍). السير ١٧/ ٣٨٤.
(٦) وهذا يختلف من حال شخص إلى آخر، فمن كان من عادته ألا يسهو عند نظره في الأصل والفرع فهذا يقابل بنفسه، ومن كان من عادته أن يسهو عند نظره فمقابلته مع الغير أولى. الاقتراح: ٢٩٦ - ٢٩٧، نكت الزركشي ٣/ ٥٨٣.
(٧) انظر: نكت الزركشي ٣/ ٥٨٤.

<<  <   >  >>