للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولِمُسْلِمٍ (١) صاحبِ "الصحيحِ" معَ هذا في ذَلِكَ عبارةٌ أُخْرَى حَسَنةٌ، مثلُ قولِهِ: ((حَدَّثَنا أبو بَكْرِ بنُ أبي شَيْبَةَ، وأبو سَعيدٍ الأشَجِّ؛ كِلاهُما عَنْ أبي خالدٍ، قالَ أبو بكرٍ: حَدَّثَنا أبو خالِدٍ الأحْمَرُ، عَنِ الأعمشِ وساقَ الحديثَ)). فإعادتُهُ ثانياً ذِكْرَ أحدِهِما خاصَّةً إشْعارٌ (٢) بأنَّ اللَّفْظَ المذكورَ لهُ.

وأمَّا إذا لَمْ يَخُصَّ لَفْظَ أحدِهِما بالذِّكْرِ، بلْ أخَذَ مِنْ لَفْظِ هذا ومِنْ لَفْظِ ذاكَ (٣)، وقالَ: ((أخبرنا فُلاَنٌ وفُلاَنٌ -وتَقَارَبا في اللفْظِ- قالا: أخبرنا فُلانٌ))، فهذا غيرُ مُمْتَنِعٍ عَلَى مذهبِ تَجويزِ الروايةِ بالمعنى.

وقولُ أبي داودَ صاحِبِ " السُّنَنِ ": ((حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، وأبو تَوْبَةَ - المعنى -

قالا (٤): حَدَّثَنا أبو الأحْوصِ)) (٥) معَ أشْباهٍ (٦) لهذا في كِتابِهِ، يَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ مِنْ قَبيلِ الأوَّلِ، فيكونَ اللفْظُ لِمُسَدَّدٍ ويُوافِقُهُ أبو تَوبَةَ في المعنى، ويَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ مِنْ قَبيلِ الثاني، فلا يكونُ قدْ أورَدَ لَفْظَ أحَدِهِما خاصَّةً، بلْ رواهُ بالمعنى عَنْ كِلَيْهِما، وهذا الاحْتِمالُ يَقْرُبُ (٧) في قولِهِ: ((حَدَّثَنا مسلمُ بنُ إبراهِيمَ، ومُوسَى بنُ إسْماعِيلَ - المعنى واحدٌ - قالا: حَدَّثَنا أبانُ)).


(١) صحيح مسلم ٢/ ١٣٣ ط إستانبول، و ١/ ٤٦٥ (٦٧٣)، ط مُحَمَّد فؤاد عبد الباقي.
(٢) في (ب): ((إشعاراً)).
(٣) في (ب) و (جـ): ((ذَلِكَ)).
(٤) في (ع): ((قال)).
(٥) سنن أبي داود (٣٧٥).
(٦) انظر: لهذه الأشباه عَلَى سبيل المثال (٦٠٣) و (١٠٩٤).
(٧) عقّب عليه الزركشي ٣/ ٦٢٦ بقوله: ((هذا الاحتمال الثاني، عجيب إذ يلزم منه ألا يكون رواه بلفظ لواحد من شيخيه، وهو بعيد، ولذلك قال: ((أنا فلان وفلان))، وتقاربا في اللفظ، فليس هو منحصراً في أن روايته عن كل منهما بالمعنى وأن المأتي به لفظ ثالث غير لفظيهما، والأحوال كلها آيلة في الغالب إلى أنَّهُ لا بدَّ أن يسوق الحديث عَلَى لفظ روي له برواية واحد، والباقي بمعناه)).

<<  <   >  >>