للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمَّا إذا جَمَعَ بَيْنَ جماعةِ رواةٍ قدِ اتَّفَقُوا (١) في المعْنَى، وليسَ ما أوْرَدَهُ لَفْظَ كُلِّ واحدٍ منهم، وسَكَتَ عَنِ البيانِ لذلكَ، فهذا مِمَّا عِيْبَ بهِ البخاريُّ أوْ غيرُهُ (٢)، ولاَ بأسَ بهِ عَلَى مُقْتَضَى مذهبِ تَجْويزِ الروايةِ بالمعنى.

وإذا سَمِعَ كِتاباً مُصَنَّفاً (٣) مِنْ جماعَةٍ، ثُمَّ قابَلَ نُسْخَتَهُ بأصْلِ بَعْضِهِمْ دُونَ بعضٍ، وأرادَ أنْ يَذْكُرَ جَمِيعَهُمْ في الإسنادِ ويقولَ: ((واللفظُ لِفُلانٍ)) كما سَبَقَ، فهذا يَحْتَمِلُ أنْ يجوزَ كالأوَّلِ؛ لأنَّ ما أوْرَدَهُ قدْ سَمِعَهُ بنَصِّهِ مِمَّنْ ذَكَرَ أنَّهُ بلَفْظِهِ، ويَحْتَمِلُ أنْ لا يجوزَ؛ لأنَّهُ لاَ عِلْمَ عندَهُ بكَيْفِيَّةِ روايةِ الآخرينَ حَتَّى يُخْبِرَ عنها، بخلافِ ما سَبَقَ فإنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى روايةِ غيرِ مَنْ نَسَبَ اللَّفْظِ إليهِ، وعَلَى مُوافَقَتِها (٤) مِنْ حيثُ المعنى فأَخْبَرَ بذلكَ (٥)، واللهُ أعلمُ.

الثاني عَشَرَ: ليسَ لهُ أنْ يَزيدَ في نَسَبَ مَنْ فوقَ شيخِهِ مِنْ رِجَالِ الإسْنادِ عَلَى ما ذكَرَهُ شيخُهُ مُدْرَجاً (٦) عليهِ مِنْ (٧) غيرِ فَصْلٍ مُمَيَّزٍ، فإنْ أتَى بِفَصْلٍ (٨) جَازَ، مثلُ أنْ يَقُولَ: ((هُوَ ابنُ فُلانٍ الفُلانِيُّ)) أو ((يَعْنِي: ابنَ فُلاَنٍ))، ونحوَ ذلكَ. وذَكَرَ الحافِظُ الإمامُ أبو بكرٍ البَرْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - في كِتابِ " اللُّقَطِ " (٩) لهُ بإسنادِهِ عنْ عليِّ بنِ المدينِيِّ، قالَ: إذا حَدَّثَكَ الرجلُ فقالَ: حَدَّثَنا فُلانٌ، ولَمْ يَنْسُبْهُ فأحبَبْتَ أنْ تَنْسُبَهُ فقُلْ: ((حَدَّثَنا فُلانٌ أنَّ فُلانَ بنَ فُلانٍ حدَّثَهُ)) (١٠)، واللهُ أعلمُ.


(١) انظر: نكت الزركشي ٣/ ٦٢٦.
(٢) في الشذا: ((وغيره)) بالواو.
(٣) انظر: نكت الزركشي ٣/ ٦٢٧ - ٦٢٨.
(٤) في (ع) و (م) والتقييد: ((موافقتهما)) بالتثنية.
(٥) راجع: المحاسن: ٣٤٥ ففيها تفصيل.
(٦) راجع محاسن الاصطلاح هامش (١).
(٧) في (ع): ((عَلَى)).
(٨) في (ب): ((بلفظ)).
(٩) في (أ) و (ب): ((اللفظ)) بالفاء، وفي (جـ) و (ع) و (م) والتقييد والشذا الفياح ونكت الزركشي: ((اللقط)) بالقاف، وراجع شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٢٨٥ هامش (٤).
(١٠) أسنده الخطيب في الكفاية: (٣٢٣ ت، ٢١٥ هـ‍).

<<  <   >  >>