للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنَّهُ كانَ يُحَدِّثُ وبينَ يديهِ عَفَّانُ وبَهْزٌ، فجَعَلا يُغَيِّرانِ: ((النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -)) مَنْ ((رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) فقالَ لهما حمَّادٌ: أمَّا أنتُما فلا تَفْقَهانِ أبداً)) (١)، واللهُ أعلمُ.

التاسعَ عَشَرَ: إذا كانَ سَمَاعُهُ عَلَى صفةٍ فيها بعضُ الوَهْنِ (٢) فَعَليهِ أنْ يَذْكُرَها في حالَةِ الروايةِ، فإنَّ في إغفالِها نوعاً من التَّدْلِيسِ، وفيما مَضَى لنا أمثِلَةٌ لذلكَ. ومِنْ أمْثِلَتِهِ ما إذا حَدَّثَهُ المحدِّثُ مِنْ حِفْظِهِ في حالةِ المذاكَرَةِ فَلْيَقُلْ: حَدَّثَنا فُلانٌ مُذَاكَرَةً، أو حَدَّثَناهُ في الْمُذاكَرةِ، فقدْ كانَ غيرُ واحدٍ مِنْ مُتَقدِّمي العلماءِ يَفْعَلُ ذَلِكَ. وكانَ جماعَةٌ مِنْ حُفَّاظِهِمْ يمنعونَ مِنْ أنْ يُحمَلَ عَنْهُمْ في الْمُذاكَرةِ شيءٌ، مِنْهُم: عبدُ الرحمانِ بنُ

مَهديٍّ (٣) وأبو زُرْعَةَ الرازِيُّ (٤). رُوِّيْناهُ عَنِ ابنِ المبارَكِ (٥) وغيرِهِ. وذلكَ لِمَا يَقَعُ فيها مِنَ المساهَلَةِ مَعَ أنَّ الحِفْظَ خَوَّانٌ، ولذلكَ امْتَنَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ أعلامِ الحفَّاظِ مِنْ روايةِ ما يَحْفَظونَهُ إلاَّ مِنْ كُتُبِهِمْ، مِنْهُم: أحمدُ بنُ حَنْبَلٍ - رضي الله عنهم - أجمعينَ (٦)، واللهُ أعلمُ.

العِشرونَ: إذا كانَ الحديثُ عَنْ رَجلينِ أحدُهُما مَجروحٌ، مثلُ أنْ يكونَ عَنْ ثابِتٍ البُنَانِيِّ (٧)، وأبانَ بنِ أبي عَيَّاشٍ (٨)، عَنْ أنسٍ فلا يُسْتَحْسَنُ إسْقاطُ المجروحِ مِنَ الإسْنادِ والاقْتِصارُ عَلَى ذِكْرِ الثِّقَةِ، خوفاً مِنْ أنْ يَكُونَ فيهِ عَنِ المجروحِ شيءٌ لَمْ يَذْكُرْهُ


(١) أخرجه الخطيب في الكفاية: (٣٦١ ت، ٢٤٤ - ٢٤٥ هـ‍)، وانظر: محاسن الاصطلاح ٣٥٦.
(٢) فال الزركشي في نكته ٣/ ٦٣٤: ((ظاهره الوجوب، وعبارة الخطيب: أستحب أن يقول: حدثناه في المذاكرة)). وانظر: الجامع لأخلاق الراوي ٢/ ٣٧.
(٣) انظر: بعض الآثار الواردة عنه في ذَلِكَ مسندة في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (١١١٠)
و (١١١١).
(٤) انظر: ما أسنده الخطيب في الجامع (١١١٢) و (١١١٣).
(٥) انظر: بعض الآثار الواردة عنه في هذا الموضوع في الجامع (١١١٢).
(٦) لذلك قال الإمام علي بن المديني: ((ليس في أصحابنا أحفظ من أبي عبد الله أحمد بن حَنْبَلٍ، وبلغني أنَّهُ لا يحدث إلا من كتاب، ولنا فيه أسوة)). وانظر: مزيداً من ذَلِكَ في الجامع ٢/ ١٢ - ١٣.
(٧) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال ١/ ٤٠٢ (٧٩٧).
(٨) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال ١/ ٩٥ (١٣٨).

<<  <   >  >>