للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورُوِّيْنا أو بَلَغَنا عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أحمدَ بنِ عبدِ اللهِ الفقيهِ (١) أنَّهُ قالَ: ((القارئُ لِحَدِيثِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذا قامَ لأحَدٍ فإنَّهُ تُكْتَبُ عليهِ خَطِيئةٌ)). ويُسْتَحَبُّ لهُ مَعَ أهلِ مَجْلِسِهِ ما وَرَدَ عَنْ حَبِيْبِ بنِ أبي ثابِتٍ أنَّهُ قالَ: ((إنَّ مِنَ السُّنَّةِ إذا حَدَّثَ الرجلُ القومَ أنْ يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ جَمِيعاً)) (٢)، واللهُ أعلمُ.

ولاَ يَسْرُدُ الحديثَ سَرْداً يَمْنَعُ السامِعَ مِنْ إدْراكِ بَعْضِهِ. وليَفْتَتِحْ مَجْلِسَهُ ولْيخَتَتِمْهُ بذِكْرٍ ودُعاءٍ يَليقَ بالحالِ. ومِنْ أبْلَغِ (٣) ما يَفْتَتِحُهُ بهِ أنْ يقُولَ: الحمدُ للهِ رَبِّ العالمينَ أكملُ الحمدِ عَلَى كُلِّ حالٍ، والصلاةُ والسلامُ الأتَمَّانِ عَلَى سَيِّدِ المرسلينَ، كُلَّما ذَكرَهُ (٤) الذاكِرُونَ، وكُلَّما غَفَلَ عَنْ ذِكْرِهِ (٥) الغافِلُونَ، اللَّهُمَّ صَلِّ عليهِ وعلى آلِهِ وسائِرِ النَّبيِّينَ وآلِ كُلٍّ، وسائِرِ الصَّالِحينَ، نِهايَةَ ما يَنْبَغِي أنْ يَسْأَلَهُ السَّائِلُونَ.

ويُسْتَحَبُّ لِلْمُحَدِّثِ العارِفِ عَقْدُ مَجْلِسٍ لأملاءِ (٦) الحديثِ، فإنَّهُ مِنْ أعلى مَراتِبِ الرَّاوِينَ (٧)، والسماعُ فيهِ مِنْ أحْسَنِ وُجُوهِ التَّحَمُّلِ وأقْواهَا، ولْيَتَّخِذْ مُسْتَمْلِياً يُبَلِّغُ عنهُ إذا كَثُرَ الجمعُ، فذلكَ دَأْبُ أكابِرِ المحدِّثِيْنَ المتَصَدِّيْنَ لِمِثْلِ ذَلِكَ. ومِمَّنْ رُوِيَ عنهُ ذَلِكَ: مالِكٌ، وشُعْبَةُ، ووكِيْعٌ، وأبو عاصِمٍ، ويَزِيدُ بنُ هارونَ في عددٍ كثيرٍ مِنَ


(١) هو الإمام أبو زيد المروزي، راوي صحيح البخاري، عن الفربري، توفي سنة (٣٧١ هـ‍). انظر:
السير: ١٦/ ٣١٣.
(٢) أخرجه الخطيب في الجامع (٩٨١).
(٣) قال الزركشي مُعَقِّباً عَلَى هذا الكلام: ((اعلم أن المأثور في التحميد والصلاة أفضل من هذا، وقد ورد في التحميد سنن مشهورة فينبغي اتِّباعها، وكذلك تتبع السنة الصحيحة في الصلاة عَلَى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد نبّه عَلَى هذا النووي - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - ... )). نكت الزركشي ٣/ ٦٤٦، وانظر: روضة الطالبين ١١/ ٦٥ - ٦٦.
(٤) في (جـ): ((ذكرك))، وفي (م): ((ذكر)).
(٥) في (جـ‍): ((ذكرك)).
(٦) انظر: نكت الزركشي ٣/ ٦٤٦ - ٦٤٩.
(٧) في (جـ): ((الراويين)).

<<  <   >  >>