للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأعلامِ السَّالِفينَ (١). وليَكُنْ مُسْتَمْلِيهِ مُحَصِّلاً مُتَيَقِّظاً، كَيْلا يَقَعَ في مِثْلِ ما رُوِّينا أنَّ يَزِيدَ بنَ هارونَ (٢) سُئِلَ عَنْ حديثٍ، فقالَ: ((حَدَّثَنا بهِ عِدَّةٌ، فصاحَ بهِ مُسْتَمْلِيهِ: يا أبا خالدٍ! عِدَّةُ ابنُ مَنْ؟ فقالَ لهُ: عِدَّةُ ابنُ فَقَدْتُكَ!)) (٣).

وليَسْتَمْلِ عَلَى موضِعٍ مُرْتَفَعٍ (٤) مِنْ كُرْسِيٍّ أو نَحْوِهِ، فإنْ لَمْ يجدْ اسْتَمْلَى قائِماً. وعليهِ أنْ يَتْبَعَ لَفْظَ المحدِّثِ فَيُؤَدِّيَهُ عَلَى وجْهِهِ (٥) مِنْ غيرِ خِلاَفٍ. والفائِدَةُ في اسْتِمْلاءِ الْمُسْتَمْلِي، توصُّلُ مَنْ يَسْمَعُ لَفْظَ الْمُمْلِي عَلَى بُعْدٍ منهُ إلى تَفَهُّمِهِ وتَحَقُّقِهِ بإبْلاَغِ الْمُسْتَمْلِي. وأمَّا مَنْ لَمْ يَسْمَعْ إلاَّ لَفْظَ الْمُسْتَمْلِي، فليسَ يستفيدُ بذلكَ جَوازُ روايتِهِ لذلكَ عَنِ الممْلِي مُطْلَقاً مِنْ غيرِ بيانٍ للحالِ فيهِ، وفي هذا كلامٌ قدْ تَقَدَّمَ في النوعِ الرابِعِ والعِشْرينَ.

ويُسْتَحبُّ افْتِتاحُ المجلسِ بقراءةِ قارئٍ لشيءٍ مِنَ القُرآنِ العظيمِ (٦)، فإذا فَرَغَ اسْتَنْصَتَ الْمُسْتَملِي أهلَ المجلِسِ (٧) إنْ كانَ فيهِ لَغْطٌ (٨) ثُمَّ يُبَسْمِلُ، ويَحْمدُ اللهَ تَبَارَكَ


(١) الجامع لأخلاق الراوي ٢/ ٥٥ - ٥٦.
(٢) انظر: نكت الزركشي ٣/ ٦٤٩.
(٣) أخرجه الخطيب في الجامع ٢/ ٦٧ (١٢٠١)، وابن السمعاني في أدب الإملاء: ٩٠.
(٤) قيّد ابن السمعاني ذَلِكَ بما إذا كثر عدد من يحضر السماع، وكانوا بحيث لا يرون وجه المستملي، فيستحب أن يجلس عَلَى منبر أو غيره حَتَّى ترى الجماعة وجهه ويبلغهم صوته. وانظر: أدب الإملاء: ٥٠، ونكت الزركشي ٣/ ٦٥٠.
(٥) قال الزركشي: ((عبارة الخطيب: ويستحب له ألا يخالف، وكذا قال ابن السمعاني في أدب الإملاء، ثم صرّح بالوجوب فقال: ويستحب للمستملي ألا يخالف لفظ المملي في التبليغ عنه، بل يلزمه ذَلِكَ، خاصة إذا كان الراوي من أهل الدراية والمعرفة بأحكام الرواية)). نكت الزركشي ٣/ ٦٥٠، وانظر: الجامع لأخلاق الراوي ٢/ ٦٧، وأدب الإملاء: ١٠٥.
(٦) انظر: أدب الإملاء: ٩٨، ونكت الزركشي ٣/ ٦٥٠ - ٦٥١، وشرح التبصرة ٢/ ٣١٧.
(٧) انظر: نكت الزركشي ٣/ ٦٥١.
(٨) جاء في حاشية نسخة (جـ) مقالة نصها: ((لفظ: بالتسكين أفصح، وبالتحريك أشهر، وكل كلمة عَلَى ثلاثة أحرف، ووسطها حرف حلق؛ فإنه يجوز فيه التسكين والفتح إلا في النحو، العلم عَلَى علم العربية، فلا يجوز إلا بالتسكين))، وبنحوها في حاشية (م).
والمراد باللفظ: الأصوات المبهمة المختلطة، والجَلَبة لا تُفْهم. انظر اللسان ٧/ ٣٩١، وتاج العروس٢٠/ ٧٤.

<<  <   >  >>