للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولْيَسْتَعْمِلْ ما يَسْمَعُهُ مِنَ الأحَادِيثِ الوارِدَةِ بالصَّلاةِ والتَّسْبيحِ وغيرِهِما مِنَ الأعمالِ الصَّالِحَةِ فذَلِكَ زَكاةُ الحديثِ عَلَى ما رُوِّيْناهُ (١) عَنْ العَبْدِ الصالِحِ بِشْرِ بنِ الحارِثِ

الحافِي (٢) - رضي الله عنه -، ورُوِّيْنا عنهُ أيضاً أنَّهُ قالَ: ((يا أصحابَ الحديثِ! أدُّوا زكاةَ هذا الحديثِ، اعْمَلُوا مِنْ كُلِّ مِئَتَي حديثٍ بِخَمْسةِ أحاديثَ)) (٣). ورُوِّيْنا عَنْ عَمْرِو بنِ قَيْسٍ الْمُلائِيِّ (٤) - رضي الله عنه - قالَ: إذا بَلَغَكَ شيءٌ مِنَ الخيرِ فاعْمَلْ بهِ - ولوْ مَرَّةً - تَكُنْ مِنْ أهلِهِ)) (٥). ورُوِّيْنا عَنْ وكِيعٍ، قالَ: ((إذا أردْتَ أنْ تَحفظَ الحديثَ فاعْمَلْ بهِ)) (٦). وَلْيُعَظِّمْ شَيخَهُ ومَنْ يَسْمَعُ (٧) منهُ، فذَلِكَ مِنْ إجْلالِ الحديثِ والعِلْمِ، ولاَ يُثْقِلُ عليهِ ولاَ يُطَوِّلُ بحيثُ يُضْجِرُهُ، فإنَّهُ يُخْشَى عَلَى فاعِلِ ذَلِكَ أنْ يُحْرَمَ الانْتِفاعَ. وقَدْ رُوِّيْنا عَنِ الزُّهْرِيِّ أنَّهُ قالَ: ((إذا طالَ المجْلِسُ، كانَ لِلشَّيْطانِ فيهِ نَصِيبٌ)) (٨).

ومَنْ ظَفِرَ مِنَ الطَّلَبةِ بِسَماعِ شَيْخٍ فَكَتَمَهُ غيرَهُ لِيَنْفردَ بهِ عَنْهُم، كانَ جَدِيْراً بأنْ لا يَنْتَفِعَ بهِ، وذَلِكَ مِنَ اللُّؤْمِ الذي يَقَعُ فيهِ جَهَلَةُ الطَّلَبَةِ الوُضَعاءِ. ومِنْ أوَّلِ فائِدَةِ طَلَبِ الحديثِ الإفادةُ. رُوِّيْنا عَنْ مالِكٍ - رضي الله عنه - أنَّهُ قالَ (٩): ((مِنْ بَرَكَةِ الحديثِ إفادَةُ بَعضِهِمْ بَعْضاً)) (١٠). ورُوِّيْنا عَنْ إسْحاقَ بنِ إبراهِيمَ بنِ راهَوَيْهِ أنَّهُ قالَ لبعضِ مَنْ سَمِعَ منهُ في


(١) في (ع): ((روينا))، وما أثبتناه من النسخ و (م).
(٢) هو الإمام العالم، والعبد الصالح، أبو نصر بشر بن الحارث بن عبد الرحمان المروزي المشهور بـ ((بشر الحافي))، كَانَ من كبار الصالحين والأتقياء والورعين، ولد سنة (١٥٠ هـ‍)، وقيل: (١٥٢ هـ‍)، وتوفي سنة (٢٢٧ هـ‍). تاريخ بغداد ٧/ ٦٩، وسير أعلام النبلاء ١٠/ ٤٧١، وتهذيب التهذيب ١/ ٤٤٤.
(٣) الجامع لأخلاق الراوي ١/ ١٤٤ رقم (١٨١)، وأدب الإملاء: ١١٠.
(٤) بضم الميم وتخفيف اللام والمد. التقريب (٥١٠٠)، وانظر: الأنساب ٥/ ٣١٨.
(٥) أخرجه أبو نعيم في الحلية ٥/ ١٠٢، والخطيب في الجامع (١٨٢).
(٦) أخرجه الخطيب في الجامع (١٧٨٨) و (١٧٨٩).
(٧) في (جـ): ((سَمِعَ)).
(٨) أسنده الخطيب في الجامع (١٣٨٥)، وانظر: أدب الإملاء: ٦٨.
(٩) انظر: نكت الزركشي ٣/ ٦٦٤.
(١٠) انظر: الجامع للخطيب ٢/ ١٥٠.

<<  <   >  >>