للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جماعَةٍ: ((انْسَخْ مِنْ كِتابِهِم ما قدْ قَرَأْتُ، فقالَ: إنَّهُمْ لا يُمَكِّنُونَني، قالَ إذَنْ واللهِ

لاَ يُفْلِحُونَ (١)، قدْ رأيْنا أقْواماً مَنَعُوا هذا السَّماعَ فواللهِ ما أفْلَحُوا ولا أنْجَحُوا)).

قُلْتُ: وقَدْ رأيْنا نحنُ أقواماً مَنَعُوا السَّماعَ فما أفْلَحُوا ولا أنْجَحُوا، ونَسْأَلُ اللهَ العافيةَ، واللهُ أعلمُ.

ولاَ يَكُنْ مِمَّنْ يَمْنَعُهُ الحياءُ أو الكِبَرُ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الطَلَبِ. وقدْ رُوِّيْنا (٢) عَنْ مُجَاهِدٍ - رضي الله عنه - أنَّهُ قالَ: ((لا يَتَعَلَّمْ مُسْتَحِيٍ (٣) ولا مُسْتَكْبِرٌ)).

ورُوِّيْنا عَنْ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ وابنِهِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - أنَّهُما قالا: ((مَنْ رَقَّ وَجْهُهُ رَقَّ عِلْمُهُ)) (٤). ولا يأْنَفُ مِنْ أنْ يَكْتُبَ عَمَّنْ (٥) دُونَهُ (٦) ما يَسْتَفِيدُهُ منهُ. رُوِّيْنا عَنْ وكيعِ بنِ الجرَّاحِ - رضي الله عنه - أنَّهُ قالَ: ((لا يَنْبُلُ الرجُلُ مِنْ أصحابِ الحديثِ حَتَّى يَكْتُبَ عَمَّنْ هوَ فَوْقَهُ وعَمَّنْ هوَ مِثْلُهُ، وعَمَّنْ هوَ دُونَهُ)) (٧)، وليسَ بِمُوَفَّقٍ مِنْ ضَيَّعَ شيئاً مِنْ وَقْتِهِ في الاسْتِكْثارِ مِنَ الشُّيُوخِ لِمُجَرَّدِ اسمِ الكَثْرَةِ وصِيْتِها. وليسَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أبي حاتِمٍ الرَّازِيِّ: ((إذا كَتَبْتَ فَقَمِّشْ (٨)، وإذا حَدَّثْتَ فَفَتِّشْ)) (٩).


(١) في (أ): ((لا يفلحون أبداً)).
(٢) صحيح البخاري ١/ ٤٤ عقيب (١٢٩) مجزوماً بهِ. قال الحافظ: ((وصله أبو نعيم في الحلية من طريق علي بن المديني، عن ابن عيينة، عن منصور، عنه، وهو إسناد صحيح على شرط البخاري))
(الفتح عقيب ١٣٠).
قلنا: وهو في سنن الدرامي (٥٥٧)، وحلية الأولياء ٣/ ٢٨٧، والفقيه والمتفقه ٢/ ١٤٤. والمدخل للبيهقي (٤١٠).
(٣) في (م): ((لا يَتَعَلَّمْ العِلْمَ مُسْتَحِيٍ ولا مُسْتَكْبِرٌ)).
(٤) أسنده إليه الدارمي ١/ ١٣٧ رقم (٥٥٦)، والبيهقي في المدخل (٤٠٨). وتفسير قول بعضهم:
((من رق وجهه عِنْدَ السؤال رق علمه عِنْدَ الرجال))، ومنه قول علي: ((قرنت الهيبة بالخيبة والحياء بالحرمان)). نكت الزركشي ٣/ ٦٦٦.
(٥) في (أ): ((عمن هو)).
(٦) انظر: نكت الزركشي ٣/ ٦٦٦ - ٦٦٧.
(٧) أخرجه الخطيب في الجامع (١٦٥٥).
(٨) القَمْش: جمع الشيء من هاهنا وهاهنا، وكذلك التقميش. انظر: الصحاح ٣/ ١٠١٦، وتاج العروس ١٧/ ٣٤٠.
(٩) أخرجه الخطيب في الجامع (١٦٧٠).

<<  <   >  >>