للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العُلُوِّ للإسْنادِ بِقُرْبِهِ (١) مِنْ إمامٍ، وإنْ لَمْ يكُنْ قَريباً إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، والإنكارَ عَلَى مَنْ يُراعي في ذَلِكَ مُجَرَّدَ قُرْبِ الإسنادِ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وإنْ كانَ إسناداً ضَعِيْفاً، ولهذا مَثَّلَ ذَلِكَ بحديثِ أبي هُدْبةَ، ودِينارٍ، والأشَجِّ، وأشْبَاهِهِمْ (٢)، واللهُ أعلمُ.

الثَّالِثُ: العُلُوُّ (٣) بالنِّسبةِ إلى روايةِ " الصحيحينِ "، أو أحدِهِما، أو غيرِهِما مِنَ الكُتُبِ المعروفةِ المعتمَدةِ، وذَلِكَ ما اشتهرَ آخِراً مِنَ الموافَقاتِ، الأبدالِ، والمسَاواةِ، والمصافحةِ. وقَدْ كَثُرَ اعْتِناءُ المحدِّثينَ المتأخِّرينَ بهذا النوعِ، ومِمَّنْ وجدْتُ هذا النوعَ في كَلامِهِ أبو بكرٍ الخطيبُ الحافِظُ وبعضُ شُيُوخِهِ، وأبو نَصْرِ ابنُ ماكُولا (٤)، وأبو عبدِ اللهِ الْحُمَيْدِيُّ، وغيرُهُمْ مِنْ طَبَقَتِهِمْ ومِمَّنْ جاءَ بَعْدَهُمْ.

أمَّا الموافَقَةُ: فهيَ أنْ يَقَعَ لكَ الحديثُ عَنْ شَيْخِ مُسْلِمٍ فيهِ مَثَلاً عالياً بعددٍ أقَلَّ مِنَ العدَدِ الذي يَقَعُ لكَ بهِ ذَلِكَ الحديثُ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْخِ إذا رَوَيْتَهُ عَنْ مُسْلِمٍ عنهُ.

وأمَّا البَدَلُ: فَمِثْلُ أنْ يَقَعَ لكَ هذا العُلُوُّ عَنْ شيخٍ غَيْرِ شَيْخِ مُسْلِمٍ، هوَ مِثلُ شيخِ مُسْلِمٍ في ذَلِكَ الحديثِ. وقدْ يُرَدُّ البَدَلُ إلى الموافَقَةِ، فيُقَالُ فيما ذكَرْناهُ: إنَّهُ موافقةٌ عالِيةٌ في شَيْخِ شَيْخِ مُسْلِمٍ وَلَوْ لَمْ يكُنْ ذَلِكَ عالياً فهوَ أيضاً مُوافقةٌ وبَدَلٌ، لَكِنْ لاَ يُطْلَقُ عليهِ اسمُ الموافقةِ والبدَلِ لِعَدَمِ الالتِفاتِ إليهِ.

وأمَّا المسَاواةُ: فهيَ في أعْصارِنا أنْ يقلَّ العدَدُ في إسْنادِكَ لا إلى شَيْخِ مُسْلِمٍ وأمثالِهِ، ولا إلى شَيْخِ شَيْخِهِ، بلْ إلى مَنْ هوَ أبعدُ مِنْ ذَلِكَ كالصَّحَابِيِّ أوْ مَنْ قارَبَهُ، ورُبَّما كانَ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بحيثُ يَقَعُ بَيْنَكَ وبَيْنَ الصَّحابيِّ مَثَلاً مِنَ العَدَدِ مِثْلُ ما وقَعَ مِنَ العدَدِ بَيْنَ مُسْلِمٍ وبَيْنَ ذَلِكَ الصَّحابيِّ فَتَكُونُ (٥) بذلكَ مُسَاوِياً لِمُسْلِمٍ مَثَلاً في قُرْبِ الإسْنادِ وعدَدِ رِجَالِهِ.


(١) في (م): ((لقربه)).
(٢) انظر: محاسن الاصطلاح: ٣٨٢ - ٣٨٤، وشرح التبصرة ٢/ ٣٦٢.
(٣) انظر: التقييد والإيضاح: ٢٥٨ - ٢٥٩.
(٤) بفتح الميم وبعد الألف كاف مضمومة، وبعدها واو ساكنة ثُمَّ لام ألف. وفيات الأعيان ٣/ ٣٠٦، وترجمته في السير ١٨/ ٥٦٩.
(٥) في (جـ): ((فيكون)).

<<  <   >  >>