للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَنْ سُلَيْمانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أبي مِجْلَزٍ (١)، عَنْ أنَسٍ: ((أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَنَتَ شَهْراً بَعدَ الرُّكُوعِ يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ (٢)، وذَكْوانَ)) (٣). فهذا مَشْهورٌ بَيْنَ أهلِ الحديثِ مُخَرَّجٌ في الصحيحِ، ولهُ رواةٌ عَنْ أَنَسٍ غيرُ أبي مِجْلَزٍ، ورواةٌ (٤) عَنْ أبي مِجْلَزٍ غيرُ التَّيْمِيِّ، ورواةٌ عَنِ التَّيْمِيِّ غيرُ الأنصاريِّ (٥)، ولا يَعلمُ ذَلِكَ إلاَّ أهلُ الصَّنْعَةِ. وأمَّا غيرُهُمْ فَقَدْ يَستغربونَهُ (٦) مِنْ حيثُ إنَّ التَّيْمِيَّ يَرْوي عَنْ أنَسٍ وهوَ هاهنا يَرْوي عَنْ واحدٍ عَنْ أنَسٍ (٧).

ومِنَ المشْهُورِ المتواتِرُ الذي يَذْكُرُهُ أهلُ الفقهِ وأُصُولِهِ (٨)، وأهلُ الحديثِ لا يَذْكرُونَهُ باسْمِهِ الخاصِّ الْمُشْعِرِ بِمَعْناهُ الخاصِّ، وإنْ (٩) كانَ الحافِظُ الخطيبُ قدْ ذَكَرَهُ (١٠) ففي كَلامِهِ ما يُشْعِرُ بأنَّهُ اتَّبَعَ فيهِ غيرَ أهلِ الحديثِ، ولَعَلَّ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ لا تَشْمَلُهُ صِناعَتُهُمْ ولا يكادُ يوجَدُ في رواياتِهِمْ، فإنَّهُ عبارةٌ عَنِ الخبرِ الذي يَنْقُلُهُ مَنْ يَحْصُلُ العِلْمُ بِصِدْقِهِ ضَرُورةً، ولاَ بُدَّ في إسنادِهِ مِنِ اسْتِمرارِ هذا الشَّرْطِ في رُواتِهِ مِنْ أوَّلِهِ إلى مُنْتَهاهُ (١١).


(١) بكسر الميم وسكون الجيم وفتح اللام بعدها زاي، وهو لاحق بن حُمَيْد بن سَعيد السّدوسي البصري. التقريب (٧٤٩٠).
(٢) رِعْل - بكسر الراء وسكون العين المهملة -، وذكوان - بفتح الذال المعجمة وسكون الكاف وبعد الألف نون، غير منصرف: هما قبيلتان من سُلَيْم - بضم السين المهملة -. انظر: الصحاح ٤/ ١٧١٠، وعمدة القاري ٧/ ٢٠، وشرح السيوطي عَلَى سنن النسائي ٢/ ٢٠٠.
(٣) صحيح البخاري ٢/ ٣٢ و ٥/ ١٣٦. وصحيح مسلم ٢/ ١٣٦. وكذلك أخرجه أحمد ٣/ ١١٦
و٢٠٤، والنسائي ٢/ ٢٠٠ جميعهم من حديث سليمان التيمي، عن أبي مجلز، عن أنس، فذكره.
(٤) في (م) والتقييد: ((رواه)) بالهاء وكذا ما بعدها.
(٥) انظر تخريج الروايات في تعليقنا عَلَى شرح التبصرة ٢/ ٣٩٠.
(٦) في (م): ((يستغربون)).
(٧) راجع: المحاسن: ٣٩٢، وقارن بما في معرفة علوم الحديث للحاكم: ٩٣ - ٩٤.
(٨) راجع: المحاسن: ٣٩٢، والتقييد: ٢٦٥.
(٩) في (م): ((فإن)).
(١٠) الكفاية: (٥٠ ت، ١٦ هـ‍).
(١١) انظر عن موضوع المتواتر: الكفاية (٥٠ ت، ١٦ هـ‍)، والبرهان ١/ ٣٦٨ فقرة (٤٩١)، والمستصفى ١/ ١٣٢، والمحصول ٢/ ١٠٨، والبحر المحيط ٤/ ٢٣١، ونزهة النظر: ٥٣، وتدريب الراوي ٢/ ١٧٦، مقدمة لقط اللالىء: ١٧، وظفر الأماني: ٣٩، وتوجيه النظر ١/ ١٠٧، ومقدمة نظم المتناثر: ١١. ولا بدّ من الإشارة إلى أنَّ العلماء أفردوا الأحاديث المتواترة بمؤلفات مفردة، مِنْهُم: السيوطي وابن طولون والزبيدي والكتاني وغيرهم. انظر: الرسالة المستطرفة ١٩٤.

<<  <   >  >>