للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سُئِلَ أحمدُ بنُ حَنْبَلٍ عَنْ حَرْفٍ مِنْ غريبِ الحديثِ، فقالَ: ((سَلُوا أصْحابَ الغريبِ، فإنِّي أكرَهُ أنْ أتَكَلَّمَ في قَوْلِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بالظَّنِّ فأُخْطِئَ (١))) (٢).

وبَلَغَنا عَنِ التَّارِيخِيِّ مُحَمَّدِ بنِ عبدِ الملكِ، قالَ: حَدَّثَني أبو قِلابةَ عبدُ الملكِ بنُ مُحَمَّدٍ، قالَ: قُلْتُ للأصْمَعِيِّ: ((يا أبا سَعِيْدٍ مَا مَعْنَى قَولِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((الجارُ أحَقُّ بِسَقَبِهِ)) (٣)، فقالَ: أنا لا أُفَسِّرُ حديثَ رسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ولَكِنَّ العَرَبَ تَزعُمُ أنَّ السَّقَبَ: اللَّزِيقُ)) (٤). ثُمَّ إنَّ غيرَ واحدٍ مِنَ العلماءِ صَنَّفُوا في ذَلِكَ فأحْسَنوا.

ورُوِّيْنا (٥) عَنِ الحاكِمِ أبي عبدِ اللهِ الحافِظِ قالَ: ((أوَّلُ مَنْ صَنَّفَ الغريبَ في الإسلامِ النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ)) (٦). ومِنْهُم مَنْ خالَفَهُ فقالَ: ((أوَّلُ مَنْ صَنَّفَ فيهِ أبو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بنُ المثَنَّى))، وكتابَاهُما صَغِيرانِ (٧). وصَنَّفَ بعدَ ذَلِكَ أبو عُبَيْدٍ القاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ كِتابَهُ المشهورَ فَجَمَعَ وأجادَ واسْتَقْصَى فَوَقَعَ مِنْ أهلِ العِلْمِ بِمَوْقِعٍ جَلِيلٍ، وصَارَ قُدْوَةً في هذا الشَّأْنِ. ثُمَّ تَتَبَّعَ القُتَبِيُّ (٨) ما فاتَ أبا عُبَيدٍ فوضَعَ فيهِ كِتابَهُ المشهورَ ثُمَّ تَتَبَّعَ أبو سُلَيْمانَ الخطَّابِيُّ ما فاتَهُما فوضَعَ في ذَلِكَ كِتابَهُ المشهورَ.


(١) انظر: العلل للإمام أحمد برواية المروذي: ٢١٧ رقم (٤١٣).
(٢) في (جـ) و (م): ((فسأخطئ)).
(٣) أخرجه الحميدي (٥٥٢)، وأحمد ٦/ ١٠ و ٣٩٠، والبخاري ٣/ ١١٥ و ٩/ ٣٥ و ٣٦ و ٣٧، وأبو داود (٣٥١٦)، وابن ماجه (٢٤٩٥)، والنسائي ٧/ ٣٢٠ والبغوي ٨/ ٢٤٢ من حديث أبي رافع.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٧/ ١٦٨، وأحمد ٤/ ٣٨٩ و ٣٩٠، وابن ماجه (٢٤٩٦)، والنسائي ٧/ ٣٢٠، والطحاوي ٤/ ٣٢٤، والدارقطني ٤/ ٢٢٤، وابن الجارود (٦٤٥)، والبيهقي ٦/ ١٠٥ من حديث الشريد بن سويد.
وجاء في بعض ألفاظ الحديث: ((بصقبه)) بالصاد وهما بمعنىً؛ قَالَ ابن الأثير في النهاية ٢/ ٣٧٧:
((السقب بالسين والصاد في الاصل: القرب، يقال: سقبت الدار وأسقبت، أي: قربت)).
(٤) انظر: شرح السنة ٨/ ٢٤٢.
(٥) في (م): ((روينا)) بلا واو.
(٦) معرفة علوم الحديث: ٨٨.
(٧) انظر: شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٣٩٦ - ٣٩٧.
(٨) في (أ) و (ب) و (م) والشذا والتقييد: ((القتيبي)). وقُتَيْبَةُ: هِيَ تصغير قِتيبة - بكسر القاف - وَهِيَ واحدة الأقتاب، والأقتاب: الأمعاء، وبها سمّي الرجل، والنِّسبة إليه قُتَبِيّ - بضم القاف وفتح التاء المنقوطة من فوقها باثنتين وكسر الباء المنقوطة بواحدة - والمراد به أبو أحمد، عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدِّينوري. انظر: الأنساب ٤/ ٤٣١، ووفيات الأعيان ٣/ ٤٤، وسير أعلام النبلاء ١٣/ ٢٩٦.

<<  <   >  >>