للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحابةِ جريرُ بنُ عبدِ اللهِ البَجَلِيُّ، ومَنْ شَاركَهُ في فَقْدِ ظَاهِرِ ما اشْتَرَطَهُ فيهم مِمَّنْ لا نَعْرِفُ خلافاً في عَدِّهِ مِنَ الصَّحابَةِ (١). ورُوِّيْنا عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُوْسَى السَّبَلاَنِيِّ (٢)

- وأثْنَى عليهِ خَيْراً - قالَ: أتَيْتُ أنَسَ بنَ مالكٍ فقلْتُ: هَلْ بَقِيَ مِنْ أصْحابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أحَدٌ غيرُكَ؟ قالَ: بَقِيَ ناسٌ مِنَ الأعْرابِ قَدْ رَأَوْهُ، فأمَّا مَنْ صَحِبَهُ فلا (٣). إسْنادُهُ جيِّدٌ، حدَّثَ بهِ مُسْلِمٌ بِحَضْرَةِ أبي زُرْعَةَ.

ثُمَّ إنَّ كَوْنَ الواحِدِ مِنْهُم صَحابيّاً تارَةً يُعْرَفُ بالتَّواتُرِ (٤)، وتارَةً بالاسْتِفاضَةِ القاصِرَةِ عَنِ التواتُرِ، وتارَةً بأنْ يُرْوَى عَنْ آحادِ الصَّحابَةِ أنَّهُ صَحابِيٌّ، وتارَةً بقَوْلِهِ وإخْبَارِهِ عَنْ نَفسِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ عَدَالَتِهِ بأنَّهُ صَحَابِيٌّ (٥)، واللهُ أعلمُ.

الثَّانِيَةُ: لِلصَّحَابَةِ بأسْرِهِمْ خَصِيْصَةٌ، وهيَ أنَّهُ لا يُسْألُ عَنْ عَدَالَةِ أحَدٍ مِنْهُم، بلْ ذَلِكَ أمرٌ مفروغٌ منهُ لِكَوْنِهِمْ عَلَى الإطْلاقِ مُعَدَّلِيْنَ بِنُصُوصِ الكِتابِ والسُّنَّةِ وإجْماعِ مَنْ يُعْتَدُّ بهِ في الإجماعِ مِنَ الأمَّةِ.

قالَ اللهُ تباركَ وتَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} (٦) الآيةَ. قيلَ

اتَّفَقَ المفسرونَ عَلَى أنَّهُ وارِدٌ في أصْحابِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (٧)، وقال تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُوْنُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (٨)، وهذا خِطابٌ مَعَ الموجُودِينَ


(١) راجع: محاسن الاصطلاح ٤٢٤.
(٢) كذا في (أ) و (ج‍) و (ع) و (م) والشذا، وفي التقييد: ((السيلاني)) بالياء المثناة من تحت، ومثله في شرح التبصرة ٣/ ١٢، والجرح والتعديل ٨/ ١٦٩. وفي (ب): ((السلاني)). راجع: التقييد والإيضاح: ٣٩٩، والأنساب ٣/ ٣٩٢، وتهذيب الكمال ١/ ٢٩١، واللباب ٢/ ١٧٠، والباعث الحثيث ٢/ ٤٩٤.
(٣) أسنده ابن عساكر في تاريخ دمشق ٩/ ٣٧٩، وهو في تهذيب الكمال للمزي ٣/ ٢٧٦.
(٤) راجع محاسن الاصطلاح ٤٢٧، والتقييد والإيضاح ٢٩٩.
(٥) انظر: الكفاية (١٠٠ ت، ٥٢ هـ‍).
(٦) آل عمران: ١١٠.
(٧) لَمْ نرَ أحداً نقل الاتفاق في ذلك، وانظر: تفسير الطبري ٤/ ٢٩، وتفسير البغوي ١/ ٤٩١، وزاد المسير ١/ ٤٣٩، وتفسير ابن كثير ١/ ٥٣٠، والدر المنثور ٢/ ٢٩٤.
(٨) البقرة: ١٤٣.

<<  <   >  >>