للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حِيْنَئذٍ (١). وقالَ سُبْحانَهُ وتَعَالَى: {مُحَمَّدٌ رَسُوْلُ اللهِ والَّذِيْنَ مَعَهُ أشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ} (٢) الآيةَ.

وفي نُصُوصِ السُّنَّةِ الشاهِدةِ بذلكَ كثرةٌ، منها حديثُ أبي سَعِيْدٍ المتَّفَقُ عَلَى صِحَّتِهِ؛ أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: ((لا تَسُبُّوا أصْحابِي، فوَالَّذي نَفْسِي بيدِهِ، لوْ أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً ما أدْرَكَ مُدَّ (٣) أحَدِهِمْ ولا نَصِيْفَهُ)) (٤). ثُمَّ إنَّ الأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى تَعْدِيلِ جَمِيْعِ الصَّحَابَةِ (٥)، ومَنْ لاَبَسَ الفِتَنَ مِنْهُم فكذلكَ بإجْماعِ العلماءِ الَّذِينَ يُعْتَدُّ بهم في الإجماعِ، إحْساناً للظَّنِّ بهم ونَظَراً إلى ما تمهَّدَ لهم مِنَ المآثِرِ، وكأَنَّ اللهَ سُبْحانَهُ وتعالى أتاحَ (٦) الإجماعَ عَلَى ذَلِكَ لِكَوْنِهِمْ نَقَلَةَ الشَّرِيْعَةِ (٧)، واللهُ أعلمُ.

الثَّالِثَةُ: أكْثَرُ الصَّحَابَةِ حَدِيثاً عَنْ رسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أبو هُرَيْرَةَ (٨). رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بنِ أبي (٩) الحسَنِ، وأحمدَ بنِ حَنْبَلٍ، وذَلِكَ مِنَ الظاهِرِ الذي لا يَخْفَى عَلَى


(١) انظر: تفسير البغوي ١/ ١٧٤.
(٢) الفتح: ٢٩.
(٣) الْمُدُّ - بضم الميم - مكيال معروف، وإنما قَدَّره به؛ لأنه أقل ما كانوا يتصدقون به في العادة. وحكى الخطّابي أنَّهُ روي بفتح الميم قال: والمراد به: الفضل والطول. والنصيف بوزن رغيف، هو النصف كما يقال: عشر عشير، وقيل: النصيف هنا مكيال يكال به، وهو دون المد. انظر: النهاية ٤/ ٣٠٨، وفتح الباري ٧/ ٣٤، وعمدة القاري ١٦/ ١٨٨.
(٤) أخرجه الطيالسي (٢١٨٣)، وعلي بن الجعد (٧٦٠) و (٣٥٥٣)، وابن أبي شيبة ١٢/ ١٧٤، وأحمد ٣/ ١١ و ٥٤، وفي الفضائل (٥) و (٦) و (٧)، وعبد بن حميد (٩١٨)، والبخاري ٥/ ١٠، ومسلم ٧/ ١٨٨، وأبو داود (٤٦٥٨)، وابن أبي عاصم (٩٨٨) إلى (٩٩١)، والترمذي
(٣٨٦١)، والبزار (٢٧٦٨)، وأبو يعلى (١٠٨٧) و (١١٩٨)، وابن حبان (٦٩٩٤)، والخطيب البغدادي ٧/ ١٤٤، والبغوي (٣٥٩) من حديث أبي سعيد الخدري.
(٥) لذا قال الحافظ ابن حجر في الإصابة ١/ ١١: ((والقول بالتعميم هو الذي صرح به الجمهور، وهو المعتبر)).
(٦) تاح له الشيء، وأتيح له الشيء، أي: قُدّرَ لهُ، وأتاح له الشىء، أي قدره له. الصحاح ١/ ٣٥٦.
(٧) راجع التقييد: ٣٠١.
(٨) راجع: محاسن الاصطلاح ٤٢٩، وشرح التبصرة ٣/ ٢١.
(٩) سقطت من (م).

<<  <   >  >>